مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٥٥
تكذيب لنفسه ولملائكته وأنبيائه والثانية ناظرة إلى ما لم يخبر الله تعالى بكونه محتوما ولا بكونه موقوفا فله المشيئة في ذلك إلا أن الإخبار بشئ من دون بيان كونه موقوفا لما كان ظاهرا في الحتمية سمي محتوما.
وفي هذا الحديث أيضا إشعار بهذا المطلب، فإنه (عليه السلام) علل عدم وقوع البداء في أمر القائم (عليه السلام)، بكونه من الميعاد، والله سبحانه صرح بأنه لا يخلف الميعاد.
والحاصل: أن المراد بالمحتوم في هذا الخبر هو ما كان محتوما بحسب ظاهر الأخبار لعدم بيان كونه موقوفا على شئ فتغييره مما لا ضير فيه، والمراد بالمحتوم الذي لا يقع فيه البداء هو ما صرح بحتميته، وأنه لا يتغير ولا يتبدل، فتبديله تكذيب لنفسه ولأنبيائه، وملائكته، وهذا مما ألهمني الله سبحانه ببركة مولاي صاحب الزمان (عليه السلام) ولم أعثر على من سبقني إليه.
ثم إن بعض المحدثين قد جمع بين هذا الخبر والأخبار الدالة على أنه لا يقع البداء في المحتوم بنحو آخر لا يخلو عندي عن النظر والأولى أن ننقل كلامه بتمامه ثم نذكر ما يتوجه عليه بحسب النظر القاصر.
قال أعلى الله تعالى مقامه في أواخر الباب الحادي عشر من كتابه المسمى بالنجم الثاقب، ما ترجمته: وقد انقضى من عمره الشريف إلى الآن ألف وأربعون وعدة سنين، ولا تبديل ولا تغيير فيه ما بقي شئ مما جاء عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) من الآيات والعلامات التي تكون قبل ظهوره ومع ظهوره، وهي جميعها قابلة للتغيير والتبديل والتقديم والتأخير والتأويل بشئ آخر، حتى تلك التي عدت في الحتميات، فإن المقصود من المحتوم في تلك الأخبار - على الظاهر - ليس أنها غير قابل للتغيير أبدا، بل الظاهر منه ما قالوه (عليهم السلام) بما يأتي - والله العالم - بأنه مرتبة من التأكيد بما لا ينافي التغير في مرحلة من مراحل وجودها.
ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ النعماني في غيبته عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال:
أقول: إن هذا الكلام قابل للمناقشة من وجوه:
الأول: إن الجزم بكون جميع العوالم قابلة للتغيير ينافي الروايات الكثيرة بل المتواترة المصرحة بكون بعضها من المحتوم الذي لا يتغير ولا يتبدل.
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»