مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٢٠
فيمكن أن يكون الإذن منه عز وجل لنبينا في الشفاعة، بمقتضى ما مر في خبر عيص، ويعضده أخبار عديدة، وتكون شفاعة سائر الشفعاء بإذن النبي، فجميع الشفاعات يرجع إلى شفاعته، ويكون من شعب هذه الشفاعة العظمى. وهذا معنى اختصاصه بالشفاعة، والشفاعة الكلية والشفاعة الكبرى. والغرض من ارجاع الخلائق أولا إلى غيره من الأنبياء كما مر في خبر عيص، وورد في غيره من الأخبار إظهار شأن خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) لجميع أهل المحشر في يوم الجزاء.
الثالثة: قد مر في حرف الشين المعجمة في الباب الرابع حديث نبوي من طريق العامة في ذكر مناصب الأئمة، إلى أن قال (صلى الله عليه وآله) والمهدي شفيعهم يوم القيامة، حيث لا يأذن الله إلا لمن يشاء ويرضى.
وقد ذكرنا هنالك أن السر في تخصيص الشفاعة بمولانا الحجة صلوات الله عليه، أن أحدا من الشفعاء لا يشفع في منكر صاحب الأمر (عليه السلام)، وإن أقر بمن قبله فكأن الشفاعة شفاعته، والأمر أمره.
الأمر الخامس في كون الدعاء لمولانا صاحب الزمان وبتعجيل فرجه سببا للفوز بشفاعته وبيان ذلك: أنه لا بد في الفوز بشفاعة الشافعين في يوم الدين، من تحقق رابطة بين الشافع والمشفوع له، في دار الدنيا كخدمة له، وإعانة، أو قضاء حاجة أو دعاء، أو إظهار محبة خالصة، أو إعزاز له، أو دفع أذى عنه ونحوها، كما عرفت في حديث شفاعة المؤمنين لمن يدعو لهم في أول الباب الرابع، وفي حديث شفاعة المؤمن، الذي ذكرناه في الأمر الثاني آنفا، وكذا في حديث شفاعة زائر الحسين (عليه السلام)، الذي رويناه في الأمر الثالث، ويدل على ذلك مضافا إلى ما ذكرناه روايات كثيرة:
- منها ما في ثالث البحار (1) عن تفسير الإمام عن أمير المؤمنين، قال (عليه السلام): الله رحيم بعباده، ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة، جعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم، فبها

١ - بحار الأنوار: ٨ / 44 باب 21 ح 44.
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»