الالتماس، فإذا صدر الطلب عن العالي سمي أمرا، وإذا صدر عن الداني سمي سؤالا وإذا صدر عن المساوي سمي التماسا، مع أنه ليس مفاد كل منها سوى الطلب، والتفاوت إنما هو في مراتب الطالب، فكذلك فيما نحن فيه، إذا صدر طلب المنفعة والثواب من شخص لمن دونه، كان شفاعة كطلب النبي (صلى الله عليه وآله) زيادة المثوبات ورفع درجات لأمته، وإذا صدر ذلك من شخص لمن فوقه، كان دعاء كصلاة الأمة على النبي ودعائهم له.
الثاني: الأحاديث التي ادعى دلالتها على تخصيص الشفاعة بالمذنبين.
منها قول النبي (صلى الله عليه وآله) ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي.
ومنها قوله (صلى الله عليه وآله): إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل.
ومنها قوله: وأما شفاعتي ففي أصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك والظلم.
والجواب عن الجميع، أن الغرض في هذه الروايات بيان أظهر الفردين، وأكمل الأمرين لا حصر الشفاعة في واحد من القسمين. ويشهد لذلك ما قدمناه من الدليل، والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل.
وههنا فوائد ينبغي التنبيه عليها الأولى: أن الشفاعة التي لا تشمل الكفار هي الشفاعة في الخروج من النار وأما الشفاعة في تخفيف العذاب، فالظاهر من بعض الأخبار شمولها لهم.
- ففي البحار (1) عن حنان، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لا تسألوهم فتكلفونا قضاء حوائجهم يوم القيامة.
- وفيه (2) بسند آخر عنه (عليه السلام) قال لا تسألوهم الحوائج فتكونوا لهم الوسيلة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في القيامة.
أقول: ولهذا المطلب شواهد عديدة في الأخبار مثل ما ورد من أن حب الأئمة الأطهار ينفع كل أحد حتى الكفار، ونحو ذلك.
فإن قلت: إن ذلك ينافي ما نطق به بعض الآيات، كقوله تعالى: * (لا يخفف عنهم العذاب