مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣١٧
الإيمان وأما كونه سببا بلا واسطة فلا، فيمكن أن يكون المقصود منها أنه لا يدخل الجنة من لا يكون مؤمنا، وأما نفي الحاجة إلى الشفاعة، فلا دليل عليه.
فتلخص من جميع ما ذكرناه تحقق الشفاعة وثبوتها بكلا القسمين، وارتفع الإشكال من البين.
وقد وفقني الله تعالى لتحقيق هذا المرام وتنقيح هذا المقام ببركة أهل الذكر (عليهم السلام)، مع خلو كلام من وقفت على كلامه من الأعلام عن التنقيح التام. وأما من خص الشفاعة بطلب زيادة الثواب لأهل الإطاعة فقد استدل بظواهر بعض الآيات.
منها: قوله تعالى: * (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) * والعاصي ظالم.
ومنها: قوله تعالى: * (ما للظالمين من أنصار) *.
ومنها: قوله تعالى: * (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) *.
والجواب: عن الجميع أن المراد بالظالمين في هذه الآيات وما شابهها الكفار والنواصب، والذين أخروا الأئمة (عليهم السلام) عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها وقدموا عليهم غيرهم، والذين ماتوا جاهلين بإمام زمانهم وأمثال هؤلاء من الذين يرجع أمرهم بالآخرة إلى عدم الإيمان.
والدليل على ما ذكرنا - مضافا إلى ما مر وما سيجئ - أخبار كثيرة، بل متواترة ليس هنا مقام ذكرها، مع أن ذلك مقتضى الجمع بين الأدلة أيضا كما لا يخفى.
وأما من خص الشفاعة بطلب إسقاط العقاب عن مستحقيه، من مذنبي المؤمنين فقد استند إلى أمرين:
الأول: أن الشفاعة لو كانت في زيادة المنافع لا غير لكنا شافعين في النبي حيث نطلب له من الله علو الدرجات، والتالي باطل قطعا لأن الشافع أعلى من المشفوع فيه، فالمقدم مثله وهذا الوجه في الحقيقة إبطال للقول السابق وهو تخصيص الشفاعة بطلب زيادة الثواب فقط.
ويمكن الجواب عنه بمنع الملازمة لأنا قد ذكرنا أن معنى الشفاعة أن يطلب الشخص ممن فوقه خيرا لمن دونه، وهذا المورد قد جعل الشفاعة بمعنى مطلق طلب زيادة المنافع، وهذه مغالطة واضحة.
والحاصل أن ما نحن فيه، نظير الطلب الذي له أفراد منها الأمر، ومنها السؤال، ومنها
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»