مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٢١
يتراحم الناس وترحم الوالدة ولدها، وتحنن الأمهات من الحيوانات على أولادها، فإذا كان يوم القيامة، أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع وتسعين رحمة، فيرحم بها أمة محمد (صلى الله عليه وآله) ويشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة. حتى إن الواحد ليجئ إلى مؤمن الشيعة فيقول اشفع لي فيقول: وأي حق لك علي فيقول: سقيتك يوما ماء فيذكر ذلك فيشفع فيه ويجيئه آخر فيقول: إن لي عليك حقا فاشفع لي فيقول: وما حقك علي فيقول: استظللت بظل جداري ساعة في يوم حار فيشفع له، فيشفع فيه ولا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه، وخلطائه ومعارفه فإن المؤمن أكرم على الله مما تظنون.
- وفي البحار (1) أيضا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن منكم يوم القيامة ليمر به الرجل له المعرفة به في دار الدنيا وقد أمر به إلى النار، والملك ينطلق به قال فيقول يا فلان، أغثني، فقد كنت أصنع إليك المعروف في الدنيا وأسعفك في الحاجة تطلبها مني فهل عندك اليوم مكافأة! فيقول المؤمن للملك الموكل به: خل سبيله. قال: فيسمع الله قول المؤمن فيأمر الملك أن يجيز قول المؤمن، فيخلي سبيله.
أقول: إذا كان هذا حال المؤمن في الشفاعة، لمن كان بينه وبينه رابطة جزئية. فلا ريب في أن مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) يشفع (2) لمن يداوم على الدعاء له، ولا يتركه معذبا يوم القيامة لأن الدعاء من الروابط العظيمة والحبال المتينة فهو قضاء لحاجته ودليل محبته، وموجب لمسرته، وهو مع ذلك من أقسام نصرته وأنواع خدمته، إلى غير ذلك من العناوين الصادقة عليه مما هو وسيلة إليه.
المكرمة الثانية عشرة الفوز بشفاعة خير البشر وصاحب الشفاعة الكبرى في المحشر ويدل على ذلك - مضافا إلى جميع ما مر، لأن التوسل إلى الإمام الثاني عشر توسل إلى

١ - بحار الأنوار: ٨ / 41 باب 21 ح 26.
2 - سيأتي في المكرمة الثانية والثلاثين وجه فوز الداعي بشفاعته وشفاعة آبائه بتقريب آخر وحاصله ما ورد في تفسير قوله * (وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم) * من أن المراد بهم الأئمة وأنهم يعرفون من نصرهم ويشفعون له بضميمة ما يدل على كون الدعاء من أقسام النصرة للإمام وملخص المقدمتين أن الداعي ناصر للإمام والإمام يشفع لناصره ويشفع للداعي (لمؤلفه).
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»