لم يصدر عنهم ما يقتضيه بل هو لأجل فوزهم بالدرجات العالية، التي لا يصلون إليها إلا بسبب من هو أرفع منهم، أعني نبينا محمدا وآله المعصومين المكرمين (عليهم السلام).
فإن قلت: إن هذا الحديث وما بمعناه من الأحاديث ينافي ما مر سابقا من كونهم من شفعاء يوم القيامة.
قلت: لا تنافي بين هذين الحديثين، إذ لا مانع من وصولهم إلى درجات ومنافع ببركة من فوقهم ووصول من دونهم في المرتبة إلى درجات ومنافع ببركتهم، وسقوط العقاب عنهم بشفاعتهم كما مر في شفاعة الأئمة للمؤمنين وشفاعة المؤمنين لمن دونهم من أهليهم.
وسيأتي في كيفية شفاعة الصديقة الطاهرة (عليها السلام) لمحبيها وشيعتها، وشفاعتهم لمحبيهم، وذوي حقوقهم، ما يرفع هذا الاستبعاد والله الهادي إلى نهج السداد.
- ومنها: ما روي في اللئالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن المؤمنين المتواطئين في الله ليكون أحدهما في الجنة فوق الآخر بدرجة، فيقول: يا رب إنه أخي وصاحبي، قد كان يأمرني بطاعتك، ويثبطني عن معصيتك ويرغبني فيما عندك، فاجمع بيني وبينه في هذه الدرجة فيجمع الله بينهما، الخبر.
- ومنها ما روي في دار السلام عن الكافي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر شريف، وفيه: فأما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله تبارك وتعالى وتباذلا عليها، وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله تعالى منزله في الجنة يشفع لصاحبه فيقول: خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك ويعينني عليها وينهاني عن معصيتك رب فثبته على ما تشاء عليه من الهدى، حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيان عند الله عز وجل فيقول كل واحد لصاحبه: جزاك الله من خليل خيرا كنت تأمرني بطاعة الله، وتنهاني عن معصيته. الخبر.
فهذه الروايات تدل على وقوع شفاعة الشافعين للصالحين من المؤمنين، طلبا لهم زيادة الثواب كما تقع للعاصين، مضافا إلى أن القائلين بتخصيص الشفاعة بطلب إسقاط العقاب، يلزمهم القول بكونها طلبا للثواب في حق المستوجبين للعقاب أيضا، وبيان ذلك: أن كل من قال بحصول نجاة العاصين من النار بشفاعة الشافعين، قال بدخولهم الجنة بسبب تلك الشفاعة، فلو كانت الشفاعة طلب إسقاط العقاب فقط لزم القول بأن من يشفع له شافع