فهذا الدليل النقلي شاهد لما ذكرناه من الوجه العقلي.
الوجه الخامس: ما سيأتي من دعاء الملائكة للداعي في حق مؤمن غائب، بأضعاف ما سأل له، ولا ريب في استجابة دعاء الملائكة لخلوه عن الموانع، فيقتضي دعاؤهم استجابة دعائه في حق نفسه.
- الوجه السادس: ما روي في أصول الكافي (1) بسند معتبر، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا دعا أحدكم فليعم، فإنه أوجب للدعاء، وفي بعض النسخ: فليعم في الدعاء، فإنه أوجب للدعاء.
أقول: قوله (صلى الله عليه وآله) فإنه أوجب للدعاء، يعني أن الدعاء للعموم أثبت، وألزم لدعاء الداعي في حقه، من أن يدعو لنفسه فقط، خاليا عن الدعاء للمؤمنين، فحاصله سببية ذلك الدعاء العام، لإجابة الدعاء ونيل المرام. ووجه دلالة هذا الكلام على ما هو المقصود في هذا المقام، أن العموم في الدعاء يتصور على وجهين:
أحدهما: أن يشرك الداعي جميع المؤمنين والمؤمنات في دعائه، بأن يدخل نفسه فيهم، فيدعو له ولهم جميعا كأن يقول: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، واقض حوائج المؤمنين والمؤمنات. أو يقول: اللهم اغفر لنا، واقض حاجتنا مريدا بذلك نفسه وسائر المؤمنين والمؤمنات.
وثانيهما: أن يكون دعاؤه دعاء يشمل نفعه جميع المؤمنين والمؤمنات، وإن لم يصرح بهم، كالدعاء بطلب الأمنية، ونزول البركات السماوية، وخروج البركات الأرضية، ودفع البلاء، ونحوها مما يعم نفعه جميعهم وهذا أيضا تعميم في الدعاء. والدعاء لفرج مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) من هذا القبيل فيكون من مصاديق هذا الدليل، ويترتب عليه الفائدة المذكورة، وهي على العارفين غير مستورة، وإن تجمد أحد لقصوره، وأنكر ما ذكرناه مع ظهوره، وأنكر كون هذا القسم تعميما في الدعاء قلنا - مماشاة ومسالمة للخصماء -: إذا قصد الداعي، أو صرح بأن غرضه من هذا الدعاء انتفاع جميع المؤمنين والسعداء، فلا ريب في كونه دعاء للعموم، وبذلك يقحم المتعنت الخصوم.
وأما كون الدعاء لظهور مولانا صاحب الزمان عليه صلوات الملك المنان مما ينتفع به