مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٠٤
معه، ومن قائل الصواب معها.
فقال الواثق: من بالعراق من أهل العربية ممن يرجع إليه فقالوا بالبصرة أبو عثمان المازني، وهو اليوم واحد عصره في هذا العلم.
فقال الواثق اكتبوا إلى والينا بالبصرة يسيره إلينا معظما مبجلا. فما كان إلا أيام حتى وصل الكتاب إلى البصرة فأمر الوالي أبا عثمان بالتوجه، وسيره على بغال البريد، فلما وصل دخل على الواثق فرفع مجلسه، وزاد في إكرامه، وعرض عليه البيت فقال: الصواب مع الجارية ولا يجوز في رجل غير النصب لأن (مصاب) مصدر بمعنى الإصابة، ورجلا منصوب به والمعنى إن أصابتكم رجلا أهدى السلام تحية ظلم فظلم خبر (إن)، ولا يتم الكلام إلا به، ففهم الواثق كلام أبي عثمان وعلم أن الحق ما قالته، وأعجب به، وانقطع الرجل الذي أنكر على الجارية.
ثم أمر الواثق لأبي عثمان المازني بألف دينار، وأتحفه بتحف وهدايا كثيرة لأهله، ووهبت له الجارية جملة أخرى ثم سيره إلى بلده مكرما فلما وصل جاء المبرد فقال له أبو عثمان: كيف رأيت يا أبا العباس! تركت لله مائة، فعوضني ألفا.
أقول: ترك المائة تعظيما للقرآن، وتعظيم القرآن تعظيم الخالق المنان، فافهم أيها الإنسان واجهد في تعظيمه وتعظيم صاحب الزمان، فإنه عدل القرآن وشريكه في كل عنوان.
فإن القرآن حبل الله المتين.
والقائم (عليه السلام) حبل الله المتين.
القرآن: أعطاه الله النبي في قبال جميع ما أعطاه أهل الدنيا.
والقائم (عليه السلام) كذلك.
القرآن: قال الله تعالى في حقه * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * (1) وكذلك القائم (عليه السلام).
القرآن: فيه تبيان كل شئ.
القرآن: أنزله الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور.
القائم (عليه السلام): يظهره الله ليخرجهم من الظلمات إلى النور ظاهرا وباطنا.

(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»