مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ١٢٣
بوجوده (عليه السلام) بينهم، وقطعهم على وجوب طاعته عليهم ولزومها لهم، لا بد من أن يخافوه ويهابوه، في ارتكاب القبائح، ويخشوا تأديبه ومؤاخذته، فيقل منهم فعل القبيح، إلى آخر ما أفاده أعلى الله تعالى مقامه، وزاد له أنعامه.
وقال السيد العالم العابد الزاهد علي بن طاوس (ره) في كشف المحجة (1) مخاطبا لولده:
والطريق مفتوحة إلى إمامك لمن يريد الله جل جلاله عنايته به وتمام إحسانه إليه، إنتهى كلامه رفع مقامه.
وإن ذكرت كلمات العلماء الصالحين في هذا الباب، طال الكتاب، ومل الأصحاب.
فإن قلت: إذا أثبت جواز المشاهدة، ووقوعها، فكيف التوفيق بين ذلك وبين التوقيع الذي خرج إلى السمري! فقد صرح فيه بتكذيب من يدعي المشاهدة.
قلت: قد ذكر علماؤنا في ذلك وجوها أوجهها ما ذكره المجلسي في البحار (2) حيث قال بعد ذكر التوقيع المذكور: لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة وإيصال الأخبار من جانبه (عليه السلام) إلى الشيعة على مثال السفراء، لئلا ينافي الأخبار التي مضت وستأتي فيمن رآه والله يعلم.
غربته (عليه السلام) إعلم أن للغربة معنيين: أحدهما البعد عن الأهل والوطن والديار، والثاني قلة الأعوان والأنصار وهو روحي فداه غريب بكلا المعنيين فيا عباد الله أعينوه ويا عباد الله انصروه.
ويدل على غربته بالمعنى الأول ما ذكرناه في عزلته وبالمعنى الثاني ما مر في حديث الجواد (عليه السلام): فإذا اجتمعت له هذه العدة، يعني ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أهل الإخلاص أظهر الله أمره، الخ، فانظر أيها العاقل، كيف طالت السنون، ومضت الأعوام، ولم تجتمع هذه العدة للإمام (عليه السلام): فهذا أقوى شاهد على قلة أنصاره وغربته.
- ويدل على ذلك أيضا ما في البحار (3) عن غيبة الشيخ الطوسي (ره) النفس الزكية غلام من آل محمد (صلى الله عليه وآله) اسمه محمد بن الحسن يقتل بلا جرم ولا ذنب، فإذا قتلوه لم يبق لهم

١ - المحجة: ١٥٤ فصل ١٥٠.
٢ - بحار الأنوار: ٥٢ / ١٥١ باب ٢٣ ذيل ١.
٣ - بحار الأنوار: ٥٢ / 217 باب علامات الظهور ذيل 78.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»