إنما استقل بالأمر بعد مضي الثلاثة، ولما استقل خرجت عليه أخت صفيراء - وهي حميراء - أخرجها المنافقان إلى أن أسرها علي (عليه السلام) في حرب البصرة، ولكن الفرق بين الامرأتين أن الأولى ندمت على ما فعلته والثانية لم تندم.
ثم إن الأئمة قد استتروا بعد يوشع إلى زمان داود أربعمائة سنة وكانوا أحد عشر، فكان قوم كل واحد منهم يختلفون إليهم ويأخذون معالم دينهم حتى انتهى الأمر إلى آخرهم، فغاب عنهم ثم ظهر وبشرهم بداود وأخبرهم أن داود هو الذي يأخذ الملك من جالوت وجنوده، ويكون فرجهم في ظهوره وكانوا ينتظرونه، فلما كان زمان داود كان له أربعة إخوة، وكان لهم أب شيخ كبير، وكان داود من بينهم خامل الذكر وهو أصغرهم، فخرجوا إلى قتال جالوت وخلفوا داود يرعى الغنم تحقيرا لشأنه فلما اشتدت الحرب وأصاب الناس جهد رجع أبوه وقال لداود (عليه السلام): احمل إلى إخوتك طعاما، فخرج داود والقوم متقاربون فمر داود على حجر فناداه: يا داود خذني واقتل بي جالوت فإني خلقت لقتله، فأخذه ووضعه في مخلاته التي كانت فيها حجارته التي يرعى بها غنمه، فلما دخل العسكر رآهم يعظمون أمر جالوت فقال: تعظمون من أمره فوالله لئن أتيته لأقتلنه، فأدخلوه على طالوت فقال له: يا بني ما عندك من القوة؟ قال: قد كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي فأدركه وأفك لحييه عن الشاة وأخلصها من فيه، وكان أوحى الله إلى طالوت أنه لا يقتل جالوت إلا من لبس درعك فملأها، فدعا بدرعه فلبسها داود فاستوى عليه فراع ذلك طالوت ومن حضره من بني إسرائيل، فلما أصبحوا والتقى الناس قال داود (عليه السلام): أروني جالوت، فلما رآه أخذ الحجر فرماه فصك بين عينيه وقتله وقال الناس: قتل داود (عليه السلام) جالوت، فاجتمعت عليه بنو إسرائيل وأنزل الله عليه الزبور ولين له الحديد وأمر الجبال والطير أن تسبح معه، وأعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا وأقام في بني إسرائيل نبيا (1).
وهكذا يكون سبيل القائم (عج) فإن له سيفا مغمدا، إذا حان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله عز وجل فناداه السيف: أخرج يا ولي الله فلا يحل لك أن تقعد عن أعداء الله، فيخرج فيقتلهم.
ثم إن داود أراد أن يستخلف سليمان لأن الله عز وجل أوحى إليه يأمره بذلك، فلما أخبر