إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ١٣٢
المرتفعة في قلل الجبال، وهم كالنار المحرقة للقشاش، وهم مستعدون للحرب بين يديه كالأمة القوية والشجعان العلية، وتبتلى الأمة بغضبة وتسود به الوجوه، وأمة الصاحب يركضون كالشجعان ويعلون الحيطان، آخذين طريقهم نصب أعينهم، غير تاركيه يوم يفر المرء من أخيه ولا ينجيه، وتتزلزل به الأراضي وتترك به السماوات وتظلم الشمس والقمر.
إلى أن يقول: فيصيح الصاحب قبالة جنده لأنهم كثيرون وهم الشجعان وهم مطيعوه، فيوم الصاحب يوم عظيم مهول ومن يطيق على ذلك اليوم، انتهى (1).
والنصارى يأخذون هذه الآيات برهانا على خاتمية المسيح مع أنه لم ينقل فيه ظهور صوت ممتاز عنه حين تولده أو بعثته قط، وباتفاق جميع النصارى أن أمته لم تكن كثيرة ولا شجاعة ممتازة، وكذا جميع ما ذكر من العلامات، وكما يظهر من الأسفار الإنجيلية أن المسيح لم يزل شاردا منهزما من اليهود ومختفيا عنهم في البراري والصحاري، ولما ظهر من الإشارة إلى اللقب الصاحب المخصوص بالقائم المهدي (عليه السلام) كما هو المبين أيضا من العلامات المذكورة والبشارات المسطورة في المقام، فلا يخفى على من له أدنى مسكة انطباقها عليه لا المسيح، وينادي المنادي مقارنا لظهوره حين طلوع الشمس عند قرصها بصوت جلي يسمعه أهل السماوات والأرضين، فيعد نسبه الشريف إلى جده الحسين (عليه السلام).
ثم المراد بيوم الظلمة ويوم تموج الهواء والعجاج والمطر والريح، إشارة إلى إتيانه بعد ظهوره بمدينة، فيمتحن الناس في الجبت والطاغوت ويأمر الناس بالبراءة منهما ويتوعد العذاب على من لم يتبرأ منهما، فيأبى محبوهما وشيعتهما عن ذلك، فيأمر القائم الريح الأسود فيهلكهم جميعا (2)، وعدد الأمة وأصحابه يكون ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من الأتقياء، ويكون رجوع الشيعة الخاص وخروج السيد الحسني مع جمع كثير، ونزول عيسى (عليه السلام) وأصحاب الكهف ورجعة الأنبياء والأوصياء، ومعاونة جمع كثير من الملائكة والشجعان، وذلك على ما في الحديث من أنه يعطى يومئذ لكل أحد من الشيعة قوة أربعين شجاعا، وقلوبهم أقوى من الحديد (3) ولو شاؤوا لقلعوا الجبال الحديد الرواسي، والخوف

١ - ٢ - مختصر البصائر: ١٨٧ ضمن حديث طويل ومفصل.
3 - راجع مجمع البيان: 4 / 398 والبحار: 52 / 186 - 304 ح 73.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»