الأجسام كلاء وكل مجد ماكم، هر الحقل ما لكلاء يذبل والزهر يسقط، لأن روح الرب ترف عليه ولا شك أن تملأ كلاء فيجف الكلاء ويسقط الزهر، وكلمة الله تمكث إلى الأبد.
فمن قوله: سلوا، إلى: من العذاب، ظاهر الدلالة على أن الواجب تعالى يقول لنبيه أن يسلي ويخبر أمته بما هو مزمع الوقوع، وباستقامتكم دعائم أورشليم في آخر الزمان. وفي قوله: ضعفان من العذاب، إشارة إلى أنها كانت قد أخطأت فانتقم الله منها بما أحدث عليها من الذل بعد المسيح (عليه السلام) في أيام تسلط الروم والنصارى عليها إلى زمان محمد (صلى الله عليه وآله)، وبعد محمد أيام تسلط العرب عليها، وهي أيامنا هذه إلى زمان ظهور القائم (عليه السلام)، وبعد ذلك تستقيم دعائمها وتعمر رسومها، وقد ذكر بعض المحققين أن المهدي (عليه السلام) سينطلق إلى أورشليم ويصلي فيها ويجتمع هناك بالمسيح عند نزوله.
ومن قوله: هذا صوت صارخ، إلى قوله: نطق به، إشارة إلى يحيى بن زكريا (عليه السلام) لما كان يعظ بهذه الجملة على شاطئ شط الأردن، وقوله: وطئوا له في البادية سبيلا مرتفعا، لا يدل على غير السبيل المستقيم من مكة إلى أورشليم البتة، لأن أورشليم ليست في البادية.
وقوله: فإن كل واد، يريد به الجهال كأهل السواحل، والارتفاع عبارة عن الصعود على ذروة طود الإيمان وكل جبل، وأكمة يشير به إلى الجبابرة من الفرس والروم، والاتضاع الانقياد إلى أواخر الدين الحنيف وسيعتدل المعوج، إشارة إلى اليونانيين وحكماء الهند بقبول الشريعة الغراء لانحرف طبائعهم عن الانعطاف إلى اتباع النواميس الإلهية. وقوله: تلين الصعاب، كناية عن العرب لأنهم هم أقوى الناس جنانا وأبعدهم إيمانا، وإلى ذلك أشار بقوله [تعالى] * (ولو أنزلناه على بعض الأعجمين) * (1) الخ. وقوله: سيشاهد مجد الله، أي المهدي (عليه السلام) والسين لاستقبال البعيد والمعنى: إنه إذا كملت جميع هذه الأمور وبعث محمد (صلى الله عليه وآله) يظهر المهدي (عليه السلام).
وقوله: لأن فم الرب قد نطق به، إشارة إلى وجوب وقوعه، ومن قوله: فقال الصوت اصرخ الخ، ضرب من شديد التأكيد لوجوب وقوعه بلا دلالة لشئ منه على مسيح اليهود الموهوم، اللهم إلا أن يريدوا أن المسيح نفس المهدي (عليه السلام)، فحينئذ يلزمهم الاعتراف بنبوة عيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله) وأما أنه لا يدل على عيسى ابن مريم (عليهما السلام) فلأن سياقه في أشعيا قد مر