وتنعطف له العالم، وتقبل رجله الجيش، وتلعس الأرض عنده الأعداء، وتهدى إليه الهدايا من سلاطين الجزاير ويقدم له من سلاطين العرب واليمن التقديمات ويسجدون له ويثنى عنده جميع سلاطين الأرض وملوك العجم عنده (1)، والنصارى يطبقون هذه البشارات على المسيح. وفساده ظاهر لعدم سلطنته، ولو سلم أن المراد به السلطنة الواقعية المعنوية فلم يكن له عقب من ذريته له سلطنة واقتدار، ثم المراد بزوال القمر لا شك أنه القيامة فيلزم أن يكون العدل والقسط مبسوطان في العالم من زمان المسيح إلى القيامة، وخلافه ظاهر، وكذا ساير الإخبارات من تقبيل الجيش وذل الأعداء وإهداء السلاطين وملوك الجزاير، وكذا إهداء ملوك العرب واليمن وسجود جميع السلاطين وتثنية ملوك العجم عنده وحضورهم لديه، ولم يذكر أحد منهم شيئا من هذه الأمور بالنسبة إلى المسيح مع اهتمامهم بتواريخهم من الضبط، ولما كانت السلطنة العامة القاهرة لنبينا محمد (صلى الله عليه وآله) ثابتا باتفاق المؤرخين في هذه النشأة، والموهبة العظيمة والسلطنة الرفيعة والشفاعة الكبرى للعصاة في يوم القيامة، وتقدمه على جميع الأنبياء في ذلك اليوم وبيده مفاتيح أبواب الجنان الثمانية، فيكون هو المراد بالسلطان، وأولاده وذريته وعترته فهم السلطنة، ولما تواتر (2) في الأخبار انطباق جميع الإخبارات المعلومة في الرجعة من طرق الشيعة بالقائم (عليه السلام)، فالمراد به هو ليس إلا لأنه الملقب بالحجة وهو المظهر حجته بعد ظهوره للعالمين، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ويبقى عدله إلى القيامة وينفذ حكمه على العالمين، وتذل له جميع السلاطين وتخضع له رقاب الجبابرة والطاغين.
البشارة العشرون فيه: عن الفصل الأول من كتاب ميلكيس (3) وهو الذي يقول بنو إسرائيل بنبوته، يقول الله سبحانه: إنه يأتي زمان كالتنور المسجرة، والظلمة فيه كالذرة فتحترق فيه أهل الظلم بحيث لا يبقى منهم عرق، وسيطلع عليكم أيها الخائفين عن اسمي من تحت جناحه شمس