رسالة في الإمامة - الشيخ عباس ( نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ) - الصفحة ١١٥
فوقف الجاثليق مقابل القوم وحياهم بتحيته فأجابوه، ثم قال بنهاية التأدب نحن قوم نفرنا من الروم إليكم، ونحن على دين المسيح بن مريم، ولما بلغنا خبر نبيكم أردنا الوفود إليه لنتعرف دينه فلم يساعد التوفيق والآن بلغنا خبر وفاته فسرنا من مكاننا إليكم لتدلونا على وصيه بعده لنسأله في أمر الدين فإن قطعنا بقوله دخلنا في دينكم، وإن قطعناه وأفلجناه بقينا على ديننا، وسمعنا اختلافكم أيضا فجئنا نطلب الحق ونقف على حقيقة الأمر فأيكم صاحب الأمر بعد النبي (ص).
قال سلمان: وكنت إذ ذاك حاضرا في المسجد فضاق بي الفضا، وقلت ذهب الدين، فقال عمر: هذا صاحب رسول الله (ص) وخليفته وأشار إلى أبي بكر، فالتفت الجاثليق إليه وقال: أنت خليفة رسول الله ووصيه في أمته وعندك ما تحتاج الأمة إليه بعد نبيها، فقال أبو بكر: لست بوصيه يا هذا، فقال الجاثليق فمن تكون أنت؟ فقال عمر: هذا خليفة رسول الله، فقال النصراني: النبي استخلفك على الأمة؟ فقال الأول: لا لم يستخلفني النبي، فقال الجاثليق فإذا ما معنى كونك خليفة؟ ومن سماك بهذا الاسم؟ فإنا وجدنا في كتبنا إن الخلافة من المناصب الإلهية المختصة بالأنبياء، وليس لغيرهم أن يجعل في الأرض خليفة، والله سبحانه استخلف آدم وداود في الخلق، وأنت إذا لم يكن عندك منصب الخلافة من الله تعالى فكيف وسمت بهذا الاسم وجلست هذا المجلس؟ ومن سماك به؟ فقال الأول: يا هذا إن الناس قد اجتمعت علي ورضيت بي أن أكون عليهم واليا وإماما لهم فلذلك سميت بهذا الاسم، فقال الجاثليق: فإذا أنت مستخلف من الناس لا من الله ورسوله، وأنت خليفة القوم، وعلى هذا فنبيكم على خلاف طريقة الأنبياء السالفين، لأن الذي وصل إلينا ووجدناه مرسوما في كتبنا إن الله لا يبعث نبيا لخلقه إلا
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»