رسالة في الإمامة - الشيخ عباس ( نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ) - الصفحة ١١٨
الإيمان والكفر وعلائمها لا ينبغي حينئذ أن يحصل له الشك في نفسه، فإن الشاك بعد ذلك كافر محض، وهو قد اعترف بجهله في إيمانه الواقعي واعترف في حق الجاثليق بأني لا أدري، وكل شخص لا يعلم بحال الآخر لا يمكنه نفي الإيمان عنه، فإذا ادعى الآخر إني مؤمن لا ينكر عليه ولا ينفى عنه فادعاء الجاثليق إنه مؤمن عند الله تعالى ظاهر من مقالة أبي بكر ومعترف به ضمنا كما لا يخفى. ولنرجع إلى ما كنا فيه.
ثم قال الجاثليق: أيها الشيخ أين محلك الآن في الجنة إن كنت مؤمنا؟ وأين مقامي من النار في هذه الساعة إن كنت كافرا كما تزعم؟ فالتفت أبو بكر إلى أبي عبيدة ثانيا وإلى عمر كيما يجيبانه فلم يتكلما أبدا، فقال أبو بكر لا أعلم ولا أدري بحالي عند الله وهذا غيب ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى فعندها قال جاثليق النصارى له: إنك قد تأمرت وجلست بمكان لا يحل لك الجلوس فيه، وادعيت الخلافة من غير صلاحية لأنك محتاج إلى غيرك في العلم، ووصي النبي وخليفته لا يحتاج غيره في أمة نبيك، من هو أعلم منك؟ فدلني عليه وأرشدني إليه لكي أحاججه وأطلع على أمره؟ وإن لم يكن فيهم من هو أعلم منك فقد ظلمت نفسك بتقحمك في أمر لم يجعله الله لك، وظلموك قومك بل وظلموا أنفسهم في رضائهم بك وجعلك أميرا عليهم.
قال سلمان (رحمه الله): فلما رأيت القوم وقد بهتوا ونكسوا رؤوسهم إلى الأرض خجلا وبان فيهم العجز والانكسار وبانت الذلة في الدين فلم أملك نفسي أن قمت مسرعا وأنا لا أبصر موضع قدمي من الدهشة والحزن حتى أتيت باب علي (ع) فطرقتها، فخرج إلي فلما بصرني على تلك الحالة قال ما شأنك يا سلمان؟ أي شئ عرض لك؟ فقلت: يا
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»