(الأولى) في الآية أضيفت إلى إبراهيم (ع) هو إن نفس حضرة إبراهيم (ع) هو المفضل فيه لا المفضل، وحديث الغدير ليس كذلك، بل المفضل هو نفس النبي (ص) والمفضل فيه ما يتعلق بالمخاطبين من الأمور، فكان النبي (ص) بعد كون المراد بالمولى الأولى قال: (من كنت أولى به من نفسه فعلي كذلك).
والحاصل إن المفضل هو النبي (ص) والمفضل فيه هو الأمور المتعلقة بهم، ثم قال القاضي: فلو كانت الآية إن أولى الناس بإبراهيم من نفسه لكانت من قبيل ما نحن فيه، لأن المفضل عليه يكون هو نفس إبراهيم، والمفضل فيه ما يتعلق به من الأمور والمفضل هم التابعون، لكن الآية ليست كذلك، بل لا يستقيم أن يكون كذلك، إذ لا معنى لكون التابعين أولى من نفس إبراهيم بأموره، فالمراد من صيرورة الآية حينئذ من قبيل ما نحن فيه أنها من قبيله في الجملة، أي في مجرد كونه (ع) مفضل عليه لا مفضل فيه، وعليك بالتأمل والاجتهاد في كلام القاضي لغموضه، وإن كان غير ميسور وإن بلغ ما بلغ.
وأما إن (أولى من كذا) صحيح، و (مولى من كذا) لا يصح، فجوابه إن مولى أسم، وأولى صفة، والاختلاف نشأ من هذا فأن صيغة التفضل صفة وهي بحسب الاستعمال تقتضي دخول من كذا في المفضل عليه، والمولى صيغة تفضيل لا بطريق الصفة بل هو نظير اسم الفعل الذي حكمه حكم الفعل في الصفات والمتعلقات لا بمعنى، وأيضا اختلاف صلات الألفاظ سماعية، ومن أحكام الألفاظ لا من أحكام المعنى وكثيرا ما يقع في كلام العرب لفظان مشتركان في المعنى مع إن صفاتهما مختلفة، مثلا لفظ الصلاة متعدي بعلى في مقام طلب الرحمة،