رسالة في الإمامة - الشيخ عباس ( نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ) - الصفحة ١١٧
ومن المعلوم إن الله تعالى إذ بعث للناس نبيا هو خاتم الأنبياء بزعمك ولم يعين له وصيا يقوم مقامه فقد أمر بما هو خارج عن طريقة الأنبياء فينحصر الأمر في شيئين أما أن يكون نبيك غير نبي، وأما أن يكون له وصي فإذا تخلف الثاني بإقرارك تحقق الأول قضاء للملازمة بينهما، وعلى هذا فلا يجب علينا ولا يلزمنا أن نتحاجج معكم في إثبات دينكم لأنه متوقف على إثبات نبيكم وقد أنكرتموه، وصار اللازم علينا أن نرجع إلى أهالينا ونبقى على ديننا الذي أنتم تعترفون فيه بواسطة اعترافكم بنبينا، ولا يلزمنا الفحص عن أعمالكم السابقة إنها صواب أو خطأ.
ثم قال الجاثليق: أجبني أيها الشيخ، قال سلمان (رحمه الله) فألتمع لون أبي بكر ثم نظر إلى أبي عبيدة، وكان إلى جنبه فقال: أجبه، فلم يجب أبو عبيدة الجواب، فالتفت الجاثليق إلى أصحابه وقال لهم: إن بناء القوم على أساس غير ثابت وليس له دليل محكم ولا حجة واضحة، فأجابه أصحابه بأنا قد علمنا ذلك وفهمناه ثم التفت إلى أبي بكر وقال له أيها أسألك عن شئ أجبني فيه، فقال له: سل، فقال أخبرني عن نفسي وعنك، وأي شئ تعتقد فيهما عند ربك؟ فقال: إني أعتقد إني مؤمن عند نفسي ولا أعلم حالي عند الله تعالى أني كذلك أم لا، وأعتقد إنك كافر ولا أعلم حالك عند الله تعالى، فقال الجاثليق أما أنت فقد نسبت نفسك للكفر وأقررت بأنك جاهل بحالك في الإيمان، ولم تدر أمحق أنت أم مبطل، وأما أنا فقد أثبت لي الإيمان بعد الكفر عند الله تعالى فما أحسن حالي وما أسوء حالك عند نفسك لعدم يقينك بحالي وحالك.
أقول: جواب أبي بكر وإن لم يكن صريحا بما قاله الجاثليق من الأمرين لكن ذلك من لوازم كلامه، والجاثليق حكم عليه بذلك اللازم ضرورة إنه بعد مشاهدة الآيات الإلهية والإمارات القطعية في حقيقة
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»