الدين. وقال آخرون إن الخلفاء الأربعة ومعاوية وعبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وخمسة من بني العباس هؤلاء الخلفاء الإثنا عشر، وفساد هذين المعنيين لظهور وضوحه لا يحتاج إلى بيان سواء أريد من الخلفاء في الخبر خلفاء الحق فقط أو الأعم منه ومن حكام الجور، فإن كل واحد منهما أفسد من صاحبه.
أما الثاني فلعدم اجتماع العزة وخلافة الجائر جزما، وأي عزة للإسلام في زمن خلافة الجائر، ولو أريد بالعزة العزة الصورية أي مجرد صيت الإسلام المجامع للظلم والعدوان وهتك النواميس الإلهية فمثل هذه العزة لا تشخص بزمان دون زمان، ولا بحاكم دون حاكم كي يدعي اختصاصها بإثني عشر خليفة في ضمن ثلاثمائة سنة، بل سواد الإسلام يوما فيوما بتزايد وترقي، وفرق المسلمين كلما تأخروا كثروا وكانوا أقوى من السابقين بالبديهية، فاختيار هذا المعنى فيه تكذيب للنبي (ص) من حيث لا يشعر.
وإن أريد بالخلفاء خلفاء الحق فإن أهل السنة قصروا الخلافة على أربعة وما تعدوا لغيرهم حتى إن معاوية لم يزعم أحد من أهل السنة أنه من خلفاء الحق، بل بعضهم حكم بفسقه وبعضهم حكم باجتهاده ومعذوريته من حيث الاجتهاد، فإن تحديد الخلافة بالمدة المزبوره صريح في ذلك، ومن هنا يظهر فساد المعنى الثاني إذ لا عزة للإسلام قطعا في زمان معاوية، مضافا إلى إن الجمع بين خلافة علي (ع) ومعاوية في عزة الإسلام من الممتنعات العقلية نظرا إلى إن حقية كل منهما باعثة على تذليل الإسلام بالنسبة إلى الآخر، فكيف يعز الإسلام بخلافتهما؟ وهذا الكلام من باب المماشاة مع الخصم وإلا لو أنصف المطلع على مطاعن