منهاج الهداية - إبراهيم الكلباسي - الصفحة ٥٩١
بسم الله الرحمن الرحيم ومنه التأييد والنصرة للغلبة على الشيطان الرجيم والتوفيق للفوز بما أعده لعباده المكرمين في جنات النعيم وإليه التجأ من همزات الشياطين وعذاب الجحيم والحمد لله رافع درجات العارفين إلى ذروة العلى ومهبط منازل الجاهلين إلى أسفل درك الشقاء ومفضل مدار العلماء على دماء الشهداء والصلاة والسلام على الباعث لخلق الأرض والسماء والملائكة والناس حق الأنبياء وعلى ابن عمه والخليق من طينة الذي حبه مفتاح خزائن السعادات في الفرد ومن لا على وعترتهما الهداة إلى السعادة الأبدية في الآخرة والأولى وبعد فهذا الكتاب المستطاب المسمى بمنهاج الهداية إلى أحكام الشريعة من تأليف العالم العلامة والمحقق الفهامة إمام المذهب والملة مقتدى الطائفة رئيس الفرقة الناجية فقيه أهل البيت في دهره مفتي الإمامية في عصره بحر العلوم محيي ما درس من الرسوم مجدد مذهب شيعة في رأس المائة الثالث عشر ومروج الأحكام والسنن من سيد البشر ناموس العالمين سلطان الفقهاء والمحققين برهان أهل الحق واليقين حجة الإسلام والمسلمين عز الملة والدنيا والدين آية الله في الآخرين إمام الحاج والمعتمرين سمي خليل رب العالمين المؤيد بتأييد الحي القديم الوالد الرؤف الرحيم مظهر وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم عامله الله تعالى بفضله العظيم وأدخله في جنة فها سلام على إبراهيم ولعمري هذا الكتاب كالبدر والتمام والشمس والإضاءة على الخاص والعام كثير الغناء ولذا اشتهر كالشمس في كبد السماء ولم ير مثله في جميع كتب علمائنا الإمامية وفقهائنا الاثني عشرية لاحتوائه على فروع كثيرة ودقايق لطيفة ورموز خفية بحيث لا يدانيه كثير من الكتب الاستدلالية سيما ما اشتمل من أواخره على ذكر الأدلة ودقايق أنظار الطائفة فياله من كتاب قصرت عن إدراكه الأفكار وعجزت عن الإتيان بمثله أرباب البصاير والأنظار لاحتوائه على ما لم يحوه كتاب واشتماله على ما يقضي بالعجب العجاب قد فقد الأشباه والنظائر واتضح به صدق قول القائل كم ترك الأول للآخر وينبغي أن يكتب بالنور على خدود الحور أو التبر على الأحداق لا بالحبر على الأوراق وقد اشتمل على جميع الأبواب الفقهية إلا القصاص والديات وشطرا من الحدود الإلهية وقد جف قلمه في هذا المقام في الشهر الثاني من سنة إحدى وستين ومأتين بعد الألف ولم يتيسر له الإتمام والوصول إلى آخر الأحكام لتراكم العلل والأسقام على أن ارتحل إلى الدار الباقية ونودي يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية في الليلة الثامنة من الشهر الخامس من السنة المسطورة وقد ثلم بذلك في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ إلى يوم القيمة ولقد كان من أمناء الله تعالى في حلاله وحرامه ونواب رسوله وأوصيائه في تبيين أحكام الله تعالى وتبليغها إلى عباده وحصون الإسلام وأدلاء دار السلام وخلفاء سيد المرسلين وعلي أمير المؤمنين وآلهما سادات أهل الجنة أجمعين ورثتهم وورثة الأنبياء المقربين وحجة خاتم الأوصياء والمرضيين على عباد الله أجمعين كما ورد في الأخبار الكثيرة الصادرة عن أهل بيت العصمة وقد جمع فنون العلم بحيث انعقد عليه الإجماع وتفرد بصنوف الفضل بحيث بهر النواظر والأسماع فما كان من فن إلا وله القدح المعلى والمورد العذب المحلى إن قال لم يدع قولا لقائل أو أطال لم يأت غيره بطائل وما مثله ومن تقدمه من الأفاضل والأعيان إلا كالملة المحمدية المتأخرة عن الملل والأديان جاءت آخرا فضاقت مفاخرا فإن كان يتكلم في المعقول قلت هذا الشيخ الرئيس فمن بقراط وإفلاطون وأرسطاطا ليس وإن كان يباحث في المنقول قلت هذا المحقق لفنون الفروع والأصول وأنا رأيته يناظر في الكلام قلت هذا والله علم الهدى وإذا كان يفسر كتاب الله المجيد والفرقان الحميد وأصغيت
(٥٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 » »»