الأصناف منهم بخلاف الأخيرين فإنه لا يجوز أن يسكن فيه إلا من عينه له لأن الوقف على حسب ما وقف نعم يجوز أن يفعل فيها ما لا ينافي الوقف كما لو كان مصلحتها في سكنى غير الموقوف عليه فيما لو توقف حفظها أو الانتفاع منها عليه مثلا أو كان ماؤها زايدا على حاجة أهلها فيتصرف فيه غيرهم فيذهبونه إلى حماماتهم وبيوتهم وبساتينهم أو يجيئون فيها ويتوضأون من حياضها ويغتسلون فيها إذا لم يضروا أهلها أصلا حتى مائهم وكذا الصلاة في قضائها أو بيوتها إذا كانت غير مسكونة إلى غير ذلك للأصل والعمومات ولا فرق في الواقف بين كونه من العامة والخاصة فإنه إن وقفها على مشتغلي العلم من المسلمين فصحيح وإن كان الواقف من العامة ويعمهم بالإجماع كما في المختلف ومنهم الشيعة ولا قرينة على التخصيص بغيرهم ولم سلم قلنا ما كانت منها في بلاد الشيعة مما بطل مصرفها وهو ظاهر فمصرفها وجوه البر ومنها سكنى طلبة الشيعة فيها ومنه يبين أنه لو كانت موقوفة على سكنى طلبة العامة تم فيها ما ذكرنا ولو فرضنا كونها موقوفة على محق المسلمين وهو عنده طلبة العامة صح لطلبة الشيعة السكنى فيها لأن الألفاظ أسام للأمور الواقعية لا المعلومة وبهذا يسهل الخطب فإن طلبة الشيعة يعلمون كونهم محقين والمدار على اعتقادهم فيجوز لهم التصرف فيها على أن ما في بلادهم بتصرفهم وأيديهم وأفعال المسلمين حجة إذا لم يعلم فسادها كما هو الواقع هنا فيجوز السكنى فيها للشيعة مطلقا فمن سكن بيتا منها ممن له السكنى بأن يكون متصفا بما اعتبر في الاستحقاق به أو شرط عليه بأن يكون مشتغلا بالعلم أو نوع منه أو نحوه فهو أحق به وإن طالت المدة لفحوى العلوي والصادق المعتبرين في السوق والنبوي من سبق إلى ما لم يسبق مسلم إليه فهو أحق مع تأيد الجميع بعدم الخلاف ولو ظاهرا هذا مع عدم اعتباره أمدا محدودا وإلا فيلزمه الخروج منه عند انقضاءه أو شرطا خاصا فبإهماله له يلزمه الخروج منه فلو أزعجه أحد مع استمراره على الوصف أو الشرط أثم ولم يرتفع حقه للأصل فهو أولى من غيره وإن سبق إليه ولو حبسه أحد فيه أو دخل ساهيا أو ناسيا أو عامدا ولم يقصد السكنى لم يصر أحق للأصل وعدم صدق السبب ولا حاجة في السكنى إلى الإذن من الإمام أو الحاكم ولو جعل الواقف له ناظرا صح ورجع إليه ولو سبق اثنان أو أكثر إلى بيت معد لواحد أو أقل منه فكالمسجد فيقرع ثم إن كان ما يسكنه معد الواحد فله منع غيره مطلقا سواء أراد التصرف بالسكنى أو غيرها تضرر منه أو لا لما مر وإن كان معدا لأزيد لم يكن له منع غيره إلا أن يبلغ النصاب فللكل والبعض منع الزايد مطلقا لما مر وإن لم يكن ذلك معلوما رجع إلى العادة في مثله وإن رضي أو رضوا بشركة الغير جاز له السكنى ومن سبق إلى بيت منها لا يبطل حقه بالخروج لحاجة مع إرادة الكون فيه كشراء مأكول أو ملبوس أو مداد أو قرطاس أو قضاء حاجة أو زيارة مؤمن أو تدرس أو غسل بدن أو ثياب أو دخول حمام أو نحوها للأصل وعدم صدق المفارقة به عرفا وظاهر المسالك الإجماع عليه فلا يلزمه ترك الرحل ولا إجلاس آخر مكانه فضلا عن الاستصحاب وأصالة عدم الاشتراط فلو أجلسه لم يصر هو بذلك أولى بل يلزمه الخروج لو لم يرض ببقائه ولو فارقه من غير عذر بما يسمى به مفارقا عرفا وعادة بطل حقه ولو كان رحله باقيا أو قصر زمان المفارقة وهو ظاهر وهل بنيته يبطل حقه الحق العدم للأصل فلو سبق أحد حينئذ لم يؤثر ولو كان لعذر بطل حقه إن كان مضيما لحق الوقف ومعطلا له كما لو طال مفارقته
(٤٧٤)