وفي كلام له آخر: وأما تحذيرك إياي أن يحبط عملي وسابقتي في الإسلام، فلعمري لو كنت الباغي عليك لكان لك أن تحذرني ذلك.
وفي كتاب معاوية: فأن كنت أبا حسن إنما تحارب عن الأمرة والخلافة، فلعمري لو صحت خلافتك لكنت قريبا من أن تعذر في حرب المسلمين.
وقد وقع هذا القسم بلفظ (لعمري) في كلام الصحابة والتابعين، في نثرهم وشعرهم كثيرا، بحيث يتعذر ضبطه.
وعن بعض أهل البيت أن واحدا من أصحابه حلف عنده: وحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحق علي ما فعلت (كذا)، وأقره على ذلك.
وفي حديث طلحة: إن رجلا من أهل (نجد) جاء يسأل عن الإسلام، فقال: أفلح الرجل - والله - إن صدق (1).
وفي شرح مصابيح الطيبي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: أفلح الرجل وأبيه - والله -.
وحمل على أنها لم يرد بها حقيقة القسم، وإنما تجري على اللسان لمجرد التأكيد.
وروى نصر بن مزاحم (2)، عن رجاله، عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول لعمار: تقتلك الفئة الباغية، وكان ذكره لأهل الشام قبل وقعه (صفين) بعشرين سنة فسمعه عبد الله ابن عمر العبسي، وكان أعبد أهل زمانه، فخرج ليلا وأصبح في عسكر علي عليه السلام، فحدث الناس بقول عمرو، وقال شعرا:
والراقصات بركب عابدين له * إن الذي جاء من عمرو لمأثور ما في مقال رسول الله في رجل * شك، ولا في مقال الرسل تحبير ومن الشعر المنقول عن علي بن الحسين قوله:
(نحن وبيت الله أولى بالنبي).
وكم للصحابة والتابعين من حلف بشيبة رسول الله، وضريحه وعينيه، وتربته، وليس هذا من القسم الحقيقي في شئ، إذ المراد مجرد التأكيد والتثبت دون حقيقة القسم التي هي مدار القضايا والحكومات، وتدور عليها ما لزم من الكفارات.