لم يكن ذلك السجود إلا عبادة للملك الجبار، لأن الطاعة لللآمر لا لمن يكن له في ذلك الأظهار.
ولو أن الناظر لصور الكواكب وهيئة الأفلاك، تدبرها تفكرا في عظمة الخالق، وسجد، كان عابدا لمدبرها.
ثم ليس المراد بالعبادة مجرد الخضوع والتذلل، كما هو المعنى القديم، بل يراد معنى جديد، وهو التذلل الخاص، على شرط أن يكون في كمال الصفاء والإخلاص.
وعلى فرض أن يصدر من بعض أعوام المسلمين، لعدم قربهم من محال العلماء العاملين. فلا ينبغي معاملة الجميع بهذه المعاملات، والبناء على نسبتهم إلى الشرك من دون قيام البينات.
فقف يا أخي في مواضع الشبهات، لئلا تقع في الهلكات. وإني - والله - فرح مسرور بدفعك عن أبناء السبيل كل محذور، وأمرك بالصلاة والصيام، وإنفاذ ما شرع النبي (صلى الله عليه) من الأحكام، إلا أني أخشى عليك أن تأخذ العالم بذنب الجاهل، والمنصف بورطة المعاند المجادل. وفقنا الله لطريق الصواب، والفوز برضاه في يوم الحساب، فأنه أرحم الراحمين.
المقصد الخامس في القسم بغير الله لا يرتاب مسلم في أن القسم بغير الله، على وجه إرادة صاحب العظمة والكبرياء والملكوت والقدرة والجبروت، باعث على الخروج عن ربقة المسلمين.
وأما إرادة مجرد التأكيد، فلا يلزم منه كفر ولا إشراك بديهة، إذ ليس مدار الكفر على مجرد العبارات، ويدل على ذلك أنه قد ورد القسم بغير الله متواترا في كلام الصحابة والتابعين، بل في كلام خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم.
ففي كتاب علي عليه السلام إلى معاوية: لعمري لأن نظرت بعقلك دون هواك، لتجدني أبرأ الناس من دم (عثمان) (1).