وفي المشكاة: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها فتهلكوا، كما هلك من كان قبلكم (1).
وبعد التأمل الصادق لا نجد - عند من شاهدناه ممن يدعي وينتسب إلى ملة سيد الأنام - ذبحا، ولا نحرا، ولا نذرا، ولا عتقا ولا تصدقا، ولا وقفا، ولا شيئا من العبادات مما يتعلق بالماليات أو البدنيات، ولا توسلا، ولا تقربا، إلا إلى جبار الأرضين والسماوات، ولو أعلم ذلك منهم قبلت كلمة الإسلام الصادرة عنهم.
فمهلا يا أخي مهلا مهلا، فأن القوم ليس حالهم كما وصل إليكم، وورد عليكم، فإني بهم خبير، وبأحوالهم بصير، وليس غرضي تزكيتهم، ولكن - والله - هذا الذي علمته من سيرتهم، والله الموفق.
المقصد الرابع في النذر لغير الله هذا المقام من مزال الأقدام، وإنما كثرت فيه الأقاويل، لخفاء الموضوع إلا على القليل، فإنه لا ينبغي الشك في أن النذر لغير الله على أنه أهل لأن ينذر له، لأنه مالك الأشياء وبيده زمامها من الكفر والشرك، لأن النذر من أعظم العبادات، وإن أريد أنه ينعقد بذلك وإن لم يذكر اسم الله عليه فهي مسألة فقهية فرعية. واعتقاد ذلك لا عن دليل تشريع حرام، لا يخرج عن ملة الإسلام.
وليس المعروف في هذه البلدان النذر لغير الله إلا على معنى انه صدقة يهدى ثوابها إلى أولياء الله، فمعنى النذر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مثلا أنه صدقة منذورة يهدى ثوابها له، وهكذا النذر لسائر الأولياء. فلا يزيد هذا على من نذر لأبيه وأمه، أو حلف، أو عاهد أن يتصدق عنهم، كما روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال للبنت التي نذرت لأمها عملا: ف بنذرك (2).