وروى عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن قتال المسلمين كفر (1).
وعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن نسبة المسلم إلى الكفر كفر (2).
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم (3).
وعن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فأن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، وحسابهم على الله (4).
وعن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله (5).
إلى غير ذلك من الأخبار.
وليس غرضي أنه لا طريق للكفر سوى ذلك، ولكن يستفاد منها أنه بعد إظهار الشهادتين يبنى على الإسلام ما لم يعلم شيئا ينافيه، ولا حاجة إلى التجسس، بل نهى الله تعالى عنه.
وبيان الأمر على التحقيق: هو أنه قد علم أن لسان الشارع جار على نحو لسان العرب، ففيه حقائق، ومجازات، واستعارات، وكنايات، وخطابات، تشتمل على المبالغات، كما أن لساننا يشتمل على ذلك من غير إنكار، فأن الذنب إذا صدر من شخص وأردنا استعظامه، صح لنا أن نسميه كفرا، وأن نسمي فاعله كافرا. ولا يزال ذلك يقع على مرور الأزمان من أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا الآن، مع أنه ليس في ذلك إنكار، بل قد يعد من أفعال الأبرار، على أن كل من صدر منه ذنب ولو صغير، لم يف بجزاء نعم اللطيف الخبير.
فاطلاق الكفر لعله من باب الكفر ببعض النعم الذي هو كفر صغير.
على أن أنظار الأنبياء والأولياء ليس إلى المعاصي، حتى يكون فيها صغير وكبير، بل إلى من عصاه الناس وهو اللطيف الخبير.