ورأى الاختلاف في الصانع وصفاته، وجوز وجود منعم طلب منه معرفته وشكر تلك النعم، فيحصل له خوف لزوال النعمة، بل حلول النقمة بترك معرفته وشكره.
والجواب أولا: منع استلزام مجرد تجويزه الخوف إلا مع اقترانه بدعوى مدعي الرسالة المقرونة بالمعجزة، وترك المكلف الاصغاء إليه، والنظر إلى المعجزة إذ حين يحصل الخوف لاحتمال صدق المدعي، وبالجملة شرط الخوف التبليغ، أو ما قام مقامه من الالهام وغيره.
وثانيا: أن المدعى عموم الوجوب للمكلفين والدليل لا يفيده على تقدير تسليمه، لأن منهم من لا يحصل له الخوف حتى يجب عليه عقلا دفعه كمن قلد محقا وجزم به فإنه بعد ما اعتقد تقليدا جازما أن له صانعا منعما فشكره بموجب اعتقاده مطمئنا بقضاء ما يجب عليه، فكيف يحصل له الخوف. وإن جوز أن يكون اعتقاد اكتفائه مذموما فمجرد التجويز والاحتمال غير موجب لظن الضرر وحصول الخوف، وكمن ظن وجود الصانع وصدق النبي صلى الله عليه وآله، وعمل بشرائعه، وكمن أيقن بالتقليد حكما جازما بنفي الصانع.
وكذا من ظن ذلك إذا احتمال الضرر يكون مرجوحا عنده فلا يكون مظنونا فلا يحصل له خوف، نعم من لم يقلد أحدا وخطر بباله أو ألقى إليه ما يحصل به الخوف، وحكم بأن دفعه واجب يجب عليه النظر، وإلا فليس بمكلف، إذ لا يتوجه الذم العقلي بالتكليف الشرعي إلى العاقل