دراسات فقهية في مسائل خلافية - الشيخ نجم الدين الطبسي - الصفحة ٧٨
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وقال: يا بن عوف، اركب فرسك، ثم ناد: أن اجتمعوا للصلاة...
ثم قام (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال:... وأن الله عز وجل لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن، ولا ضرب نسائهم، ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم " (1).
فلم يكن في خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - يوم خيبر - النهي عن المتعة، ولكن الأيدي الأمينة!!! أضافت إلى هذه الرواية، أو ابتكرت - كما هي عادتها في وضع الأكاذيب - رواية ونسبتها إلى ابني محمد، عن أبيهم، عن الإمام علي (عليه السلام)، ولعله لأجل أن يكون أوقع في النفوس، وكأنه نسي قول الإمام علي (عليه السلام): " لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي " (2). وإنكاره على عمر، لتحريمه المتعة.
ثانيا: اتفق المسلمون على حلية المتعة أثناء فتح مكة (3)، فكيف يتقدم زمان الناسخ على زمان المنسوخ؟!! وكيف يكون يوم خيبر زمان نسخ حلية المتعة مع أنها كانت محللة يوم فتح مكة!!؟
ثالثا: لو كانت الرواية في سياق الرد على ابن عباس - إذ وصفه بأنه رجل تائه - لكان ينبغي أن يعدل عن رأيه، مع أنه لم يثبت عدوله عن فتواه، وهذا يكشف عن أن عليا (عليه السلام) لم ينقل له رواية بتحريم المتعة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
قال الذهني: " حكي عن ابن عباس أنه رجع عن القول بحلها حين قال له علي (عليه السلام) هذا القول - أي إنك رجل تائه -، ولكن سبق ما يدل على عدم رجوعه عن ذلك بعد قول علي (عليه السلام) له ذلك، فإن ما جرى بين ابن عباس وبين ابن الزبير من المكالمات العنيفة المتقدمة إنما كان في خلافة عبد الله بن الزبير وذلك بعد وفاة علي (عليه السلام)... " (4).
وحينئذ يتضح ضعف ما قاله الخطابي: " تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة، ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المختلفات إلى علي (عليه السلام) وآل بيته،

١. سنن أبي داود ٣ / ١٧٠ ح ٣٠٥٠.
٢. التفسير الكبير ١٠ / ٥٠، تفسير الطبري ٥ / ٩، الدر المنثور ٢ / 140.
3. الكشاف 1 / 498.
4. مسلم 1 / 626 (الهامش).
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»