دراسات فقهية في مسائل خلافية - الشيخ نجم الدين الطبسي - الصفحة ١٣٧
الحكم على المجموع لازما له.
وعند تطبيق هذا الحكم اللغوي الأصولي على الحديث النبوي: كل بدعة ضلالة، نجد أن " كل " أضيفت إلى نكرة، وهو " بدعة " فيطبق عليها المعنى الذي ذكره أهل الأصول وأهل اللغة وعليه فلا يمكن أن تخرج أي بدعة عن وصف الضلال، و " كل " الواردة على لفظ بدعة هي نفسها الواردة على لفظ امرئ في الآية السابقة فهل يستطيع المحسن للبدع أن يزعم وجود فارق بين " كل " في قوله " كل بدعة ضلالة " ولفظ " كل " في الآية السابقة...
وهل يستطيع أن يقول بخروج شئ من عموم قوله سبحانه " إن الله على كل شئ قدير " كما يقول بخروج البدعة الحسنة. - على حد زعمه - من عموم قوله (صلى الله عليه وآله): " كل بدعة ضلالة ". (1) وفي الختام نقول: هذا هو الجواب المقنع - رغم التأمل في بعض المناقشات - على أمثال القسطلاني وابن عابدين وغيرهما - في مقام تبرير قول الخليفة عمر بن الخطاب - " نعمت البدعة " ودعواهم أن البدعة على أقسام خمسة - وأن حديث " كل بدعة ضلالة " من العام المخصوص.
فنقول لهم: إن القول بأن في البدعة ما هو حسن، يناقض الأدلة الشرعية الواردة في ذم عموم البدع.
ولم يرد دليل يقيد الإطلاق، فمحال انقسامها إلى حسن وقبيح. ودعوى حسن شئ من البدع معناه:
اتهام النقص وعدم الكمال إلى الدين، وفتح باب الزيادة والنقيصة فيه للمتلاعبين وعدم التمييز بين البدعة الحسنة من القبيحة.
إذن حديث " كل بدعة ضلالة " قاعدة كلية عامة تستغرق جميع أفراد البدعة فلا يشذ منها شئ فما هو الحل حينئذ لما صرح به الخليفة في صلاة التراويح حيث إنه قال: " نعم البدعة " بعد أن جمعهم على قارئ واحد.
ولم يرد ما يدل على أن هذه كانت مشروعة ومأذونا فيها شرعا. بل من المسلم

1. حقيقة البدعة وأحكامها 2 / 140 - انظر: الإبهاج في شرح المنهاج 2 / 94 - تحذير المسلمين / 76.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 141 142 143 ... » »»