دراسات فقهية في مسائل خلافية - الشيخ نجم الدين الطبسي - الصفحة ١٤٩
قال محمد بن رشد، قوله: لا أرى بذلك بأسا يدل على جواز فعل ذلك في الفريضة والنافلة من غير تفصيل. وذهب في رواية ابن القاسم عنه في المدونة إلى أن ترك ذلك أفضل من فعله، لأنه قال فيها: لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه ولكن في النوافل، قال: إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه وسقط " وكان يكرهه " في بعض الروايات فالظاهر من مذهبه فيها مع سقوطه أن تركه أفضل، لأن معنى قوله: لا أعرف ذلك في الفريضة أي لا أعرفه فيها من سننها ولا من مستحباتها. وفي قوله: إنه لا بأس بذلك في النافلة إذا طال القيام ليعين به نفسه دليل على أن فيه عنده بأسا إذا لم يطل القيام، وفي الفريضة وإن طال القيام، وأما مع ثبوت " وكان يكرهه " فالأمر في ذلك أبين، لأن حد المكروه ما في تركه أجر وليس في فعله وزر (1).
4 - قال النووي في مذاهب العلماء في وضع اليمنى على اليسرى: قد ذكرنا أن مذهبنا أنه سنة... وحكى ابن المنذر عن عبد الله بن الزبير والحسن البصري والنخعي أنه يرسل يديه ولا يضع إحداهما على الأخرى وحكاه القاضي أبو الطيب أيضا عن ابن سيرين وقال الليث بن سعد: يرسلهما، فإن طال ذلك عليه وضع اليمنى على اليسرى للاستراحة، وقال الأوزاعي: هو مخير بين الوضع والإرسال، وروى ابن عبد الحكم عن مالك: الوضع، وروى عنه ابن القاسم:
الإرسال وهو الأشهر وعليه جميع أهل المغرب من أصحابه أو جمهورهم واحتج لهم بحديث المسئ صلاته بأن النبي (صلى الله عليه وآله) علمه الصلاة ولم يذكر وضع اليمنى على اليسرى... (2).
فتحصل في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: أن ذلك جائز في المكتوبة والنافلة لا يكره فعله ولا يستحب تركه وهو قوله في هذه الرواية.
الثاني: أن ذلك مكروه، يستحب تركه في الفريضة والنافلة إلا إذا طال القيام في

١. البيان والتحصيل ١ / ٣٩٤ - انظر مرقاة المفاتيح للقاري ٢ / ٥٠٨.
٢. المجموع ٣ / 313.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»