دراسات فقهية في مسائل خلافية - الشيخ نجم الدين الطبسي - الصفحة ١٣٥
يدل بجلاء على أنه ليس في البدع ما هو حسن ". (1) رابعا: من تأمل البدع بعيدا عن هوى النفس ورغبتها يجد أنها مضادة للشرع مستدركة على الشارع متهمة له بالتقصير، وكل ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح، أو أن يكون منه ما يمدح ومنه ما يذم. (2) خامسا: لو افترض أن في النصوص أو في أقوال السلف ما يقتضي حسن بعض البدع الشرعية، فإن ذلك لا يخرج النص العام الذام للبدعة عن عمومه، لأن ما وصف بالحسن إما أن يكون غير حسن أصلا فيحتاج إثبات حسنه إلى دليل، فأما ما ثبت حسنه فليس من البدع فيبقى عموم الذم للبدع محفوظا لا خصوص فيه.
وإما أن يقال: ما ثبت حسنه فهو مخصوص من العموم.
والعام المخصوص دليل فيما عدا صورة التخصيص فمن اعتقد أن بعض البدع مخصوص من عموم الذم وجب عليه الإتيان بالدليل الشرعي الصالح للتخصيص من الكتاب والسنة أو الإجماع. (3) سادسا: من ادعى حسن شئ من المحدثات لزمه اتهام الدين بالنقص وعدم الكمال. واقتضاه ذلك مخالفة الخبر المنزل من عند الله: " اليوم أكملت لكم دينكم " (4).
سابعا: القول بالبدعة الحسنة يفسد الدين ويفتح المجال للمتلاعبين فيأتي كل من يريد بما يريد تحت ستار البدعة الحسنة وتتحكم حينئذ أهواء الناس وعقولهم وأذواقهم في شرع الله، وكفى بذلك إثما وضلالا مبينا.
ثامنا: عند النظر في بعض المحدثات التي يسميها أصحابها بدعا حسنة يجد أنها قد جلبت على المسلمين المفاسد العظيمة وأوبقتهم في المهالك الجسيمة.. (ثم

١. انظر الاعتصام ١ / ١٤٢.
٢. المصدر السابق.
٣. حقيقة البدعة وأحكامها ٢ / ١٤٠ - انظر اقتضاء الصراط المستقيم ٢ / 584 - مجموع الفتاوى 10 / 371.
4. المائدة / 3.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 141 ... » »»