يأتي بأمثلة بعضها من خلط المعنى اللغوي بالاصطلاحي).
ثم قال: وهذا المذكور هنا إنما هو لمجرد التمثيل على أن البدع التي يطلق عليها أصحابها حسنة، هي عين القبح والضلال والفساد، وإلا فلو استعرضت سائر البدع العلمية والعملية لوجدتها من هذا القبيل... ".
تاسعا: يقال لمعتقد حسن بعض البدع، إذا جوزت الزيادة في دين الله باسم البدعة الحسنة، جاز أن يستحسن مستحسن حذف شئ من الدين باسم البدعة الحسنة أيضا ولافرق بين البابين، لأن الابتداع يكون بالزيادة والنقصان، والاستحسان الذي تراه يكون كذلك بالزيادة والنقصان وكفى بهذا قبحا وذما وضلالا.
عاشرا: يقال لمحسني البدع: أنتم تقولون بانقسام البدع إلى حسن وقبيح، فكيف نفصل بين البدعتين وبأي ميزان نفرق بين المحدثين إذا كان التشهي والاستحسان هو الفاصل، والذوق والرأي هو المفرق.
الحادي عشر: قول النبي (صلى الله عليه وآله): " كل بدعة ضلالة " قاعدة كلية عامة تستغرق جميع جزئيات وأفراد البدع وبرهان ذلك ما يلي:
أولا: لفظ " كل " من ألفاظ العموم، وقد جزم أهل اللغة بأن فائدة هذا اللفظ هو رفع احتمال التخصيص إذا جاء مضافا إلى نكرة، أو جاء للتأكيد.
ثانيا: من أحكام لفظ " كل " عند أهل اللغة والأصول، أن " كل " لا تدخل إلا على ذي جزئيات وأجزاء، ومدلولها في الموضعين الإحاطة بكل فرد من الجزئيات أو الأجزاء.
ثالثا: ومن أحكامها أيضا عندهم أنها إذا أضيفت إلى نكرة - " كل امرئ بما كسب رهين " (1) - فإنها تدل على العموم المستغرق لسائر الجزئيات، وتكون نصا في كل فرد دلت عليه تلك النكرة، مفردا كان أو تثنية أو جمعا، ويكون الاستغراق للجزئيات بمعنى أن الحكم ثابت لكل جزء من جزئيات النكرة، وقد يكون مع ذلك