أقضى الأمة وذو سابقتها وذو شرفها فقال له ذلك القائل: فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه، قال:
كرهناه على حداثة السن، وحبه بني عبد المطلب (1).
الثالث والعشرون: ابن أبي الحديد أيضا في شرح نهج البلاغة قال: روى أبو سعيد الخدري قال:
حججنا مع عمر أول حجة حجها في خلافته، فلما دخل المسجد الحرام دنا من الحجر الأسود فقبله واستلمه وقال: إني لأعلم إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبلك واستلمك لما قبلتك واستلمتك فقال له علي (عليه السلام): " بلى يا أمير المؤمنين إنه ليضر وينفع ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت أن الذي أقول لك كما أقول، قال الله تعالى: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) * (2) فلما أشهدهم وأقروا له أنه الرب عز وجل وأنهم العبيد كتب ميثاقهم في رق ثم ألقمه هذا الحجر وإن له لعينين ولسانين وشفتين يشهد لمن وافاه بالموافاة، فهو أمين الله عز وجل في هذا المكان " فقال عمر: لا أبقاني الله بأرض لست بها يا أبا الحسن (3).
الرابع والعشرون: ابن أبي الحديد قال وروى الربيع ابن زياد قال: قدمت على عمر بمال من البحرين وصليت معه العشاء ثم سلمت عليه فقال: ما قدمت به؟ قال خمسمائة ألف قال: ويحك إنما قدمت بخمسين ألفا قلت: بلى خمسمائة ألف قال: كم يكون ذلك؟ قلت: مائة ألف حتى عدد خمسا فقال: إنك ناعس ارجع إلى بيتك ثم اغد علي فغدوت عليه قال: ما جئت به؟ قلت: هو ما قلت لك قال: كم هو؟ قلت: خمسمائة ألف قال: أطيب هو؟ قلت: نعم، لا أعلم إلا ذلك، فاستشار الصحابة فيه فأشير عليه بنصب الديوان فنصبه وقسم المال بين المسلمين ففضلت عنده فضلة فأصبح فجمع المهاجرين والأنصار فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال للناس: ما ترون في فضل فضل عندنا من هذا المال؟ فقال الناس: يا أمير المؤمنين إنا شغلناك بولاية أمورنا عن أهلك وتجارتك وصنعتك فهو لك فالتفت إلى علي (عليه السلام) فقال: ما تقول أنت؟ قال: " قد أشاروا عليك " قال:
فقل أنت فقال: " لم تجعل بقيدك ظنا " فلم يفهم عمر قوله فقال: " لتخرجن مما قلت " قال: أجل والله لأخرجن منه قال: " تذكر حين بعثك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتيت العباس بن عبد المطلب فمنعك صدقته فكان بينكما شئ فجئتما إلي وقلتما: انطلق معنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجئنا إليه فوجدناه خاترا فرجعنا ثم غدونا عيه فوجدناه طيب النفس فأخبرته بالذي صنع العباس فقال لك: يا عمر