بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضته الذي توفى فيها فدخلت فاطمة (عليها السلام) ورأيت ما بأبيها من الضعف بكت حتى جرت دمعتها على خديها فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): " وما يبكيك يا فاطمة قالت:
يا رسول الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك فاغرورقت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالبكاء ثم قال: يا فاطمة ما علمت إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإنه ختم الفناء على جميع خلقه، وإن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني من خلقه ثم اطلع اطلاعة ثانية واختار زوجك فأوحى الله إلي أن أزوجك إياه وأن أتخذه وليا ووزيرا وأن اجعله خليفتي في أمتي، فأبوك خير أنبياء الله ورسله وبعلك خير الأوصياء وأنت أول من يلحق بي من أهلي، ثم اطلع إلى الأرض ثالثة فاختارك وولدك فأنت خير نساء أهل الجنة وابناك حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة وأنا وبعلك وأوصيائي إلى يوم القيامة كلهم هاديون مهديون أول الأوصياء بعدي أخي ثم الحسن ثم الحسين ثم تسعة من ولد الحسين في درجتي وليس في الجنة درجة أقرب إلى الله من درجتي ودرجة أخي.
أما تعلمين يا بني أن من كرامة الله إياك أن زوجك خير أمتي وخير أهل بيتي وأقدمهم سلما وأعظمهم حلما وأكثرهم علما، فاستبشرت فاطمة (عليها السلام) وفرحت بما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال:
يا بنية إن لبعلك مناقب إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد لم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي وعلمه بكتاب الله عز وجل وسنتي فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير علي (عليه السلام) وأن الله عز وجل علمه علما لا يعلمه غيره وعلم ملائكته ورسله علما فكلما علمه ملائكته ورسله فأنا أعلمه وأمرني الله أن أعلمه إياه فقلت: فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمي غيره وإنك يا بنية زوجته وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا أمتي وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فإن الله آتاه الحكمة وفصل الخطاب.
يا بنتي إنا أهل بيت أعطانا الله ست خصال لم يعطها أحد من الأولين كان قبلكم ولا أحدا من الآخرين غيرنا: نبينا سيد الأنبياء وهو أبوك ووصينا سيد الأوصياء وهو بعلك وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة عم أبيك قالت: يا رسول الله هو سيد الشهداء الذين قتلوا معك. قال: لا بل سيد الشهداء الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة وابناك حسن وحسين سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة منا، والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة الذي يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما قالت: وأي هؤلاء الذين سميتهم أفضل قال: علي بعدي أفضل أمتي وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد