مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢١٣
فصل (عرض الأعمال على آل محمد) (1) المؤمن من الشيعة منهم من يرى أن الأعمال تعرض على النبي والولي، ومنهم من لا يرى ذلك، ومنهم من يرى أنها تعرض على الولي دون النبي، وتلك خاصة خص الله بها وليه، ومنهم من يرى أنه يشهدها ويعلمها، وهذا مقام التحقيق لا مقام التقليد، فنقول للمعتقد: الأعمال تعرض على النبي والولي، ثم ترفع إلى حضرة الرب العلي، ومع عرضها فإن كان الإمام لا يعلمها إلا بعد العرض، فما الفرق بين الإمام والمأموم؟ بل يكون في الرعية من هو أعلم منه، فأين الإمامة التي تعريفها أنها رياسة عامة؟ وأين عمومها إذن؟ وإن كان يعلمها قبل العرض فما الفائدة في عرض ما يعلمه؟ وكذا القول في رفع الأعمال إلى حضرة الربوبية، فإن كان الرب لا يعلمها إلا إذا رفعت إليه، كان العبد أعلم من الرب وهو محال، لأن الرب سبحانه عالم بأعمال عباده، ومحيط بها وحافظ لها وقيوم عليها، ولا يخفى عليه شئ في الأرض، ولا في السماء، فما الفائدة إذا في عرض ما الله ورسوله ووليه أعلم به؟
والجواب عنه: أن الفائدة في عرضها على الله أن كثرة الأعوان تدل على عظمة السلطان.
وأما الفائدة في عرضها على الولي، فإن ذلك على سبيل الطاعة والتعظيم، لأنه ما من أمر ينزل من السماء ويصعد من الأرض إلا ويعرض على الولي لتعلم الملائكة أن الله حجة في أمره، وأنه مطاع

(١) عن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال لمن سأله أن يدعو له: (أولست أفعل؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة) (أصول الكافي: ١ / ٢١٩ عرض الأعمال على النبي ح ٤).
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: (تعرض الأعمال على رسول الله صلى الله عليه وآله كل صباح).
وفي رواية: (اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون قال عليه السلام: هم الأئمة) (أصول الكافي: ١ / ٢١٩ عرض الأعمال على النبي ح ٢ - ١).
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي ذر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(عرضت علي أعمال أمتي - حسنها وسيئها - فوجدت محاسن أعمالهم) (الأدب المفرد: ٨٠ ح 231 باب إماطة الأذى).
وأخرج الحارث والبزار عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (حياتي خير لكم تحدثون ونحدث لكم وموتي خير لكم تعرض علي أعمالكم) (المطالب العالية: 4 / 22 ح 3853).
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 208 209 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»