مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢١٢
والمشية، يعني النسخ يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء، من الأعمار والأرزاق والبلايا، ثم يوحيها إلى الروح الأمين، فينزل بها إلى الرسول ثم يلتفت الرسول إلى أمير المؤمنين ثم إلى الأوصياء حتى ينتهي إلى صاحب الأمر والزمان ويشترك له فيها البداية والمشية، لأن حكمه حكم الله، ومقامه مقامه، فهو مالك ومملوك، لأنه سيد الخلق وعبد الحق، وليلة القدر باقية والحجة باقية، وأمر ليلة القدر في كل سنة ينتهي إليه، لأن ما دامت الدنيا باقية فليلة القدر باقية لا تزول، والمشية والحكم الإلهي لا يزول، والولي باق لا يزول، ووصول الغيب إليه باق لا يزول، ولا يزول، صدق القرآن ودوام حكم الرحمن، وهذا مقام الولي المطلق.
وعن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال له: يا مفضل من زعم أن الإمام من آل محمد يغرب (1) عنه شئ من الأمر المختوم يعني مما كتب العلم على اللوح، فقد كفر بما نزل على محمد، وإنا لنشهد أعمالكم ولا يخفى علينا شئ من أمركم، وإن أعمالكم لتعرض علينا (2).
وإذا كانت الروح وارتاض البدن أشرقت أنوارها، وظهرت أسرارها، وأدركت عالم الغيب، ولا ينكر هذا إلا الجاهل البليد فكيف تنكر أنت إحاطة روح الأرواح بعالم الغيب؟ وإذا قيل لك: إن عليا يعلم الغيب، وإذ كان الفضل بالعلم والسبق، وكان في العباد من هو أسبق، من آل محمد إلى العلم بأعمال العباد، فهو أفضل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

(١) في البحار: ٢٥ / ١٧٥ ح ١: (الإمام لا يعزب عنه شئ).
(٢) راجع أمالي المفيد: ١٩٦ مجلس ٢٣ وتفسير القمي: ١ / 277.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 208 209 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»