فصل (افتراق الأمة إلى 73) اعلم بعد ثبوت هذه الشواهد، وصدق الشاهد بهذه المشاهد، أن أهل الإسلام افترقوا على ثلاث وسبعين فرقة، وسيأتي تفصيلها فيما بعد في مكانه، وأصل هذه الثلاث والسبعين ثلاثة:
الأشعرية، والمعتزلة، والإمامية.
والأشعرية، والمعتزلة أنكروا الإمامة من أصول الدين، وأثبتها الإمامية الاثنا عشرية من الشيعة، لأن الله اختار محمدا واختار شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله، وآل محمد سفينة النجاة.
فالشيعة كسفينة النجاة راكبون وراءهم، قالوا إن الإنسان لو آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، ووالى عليا وعترته، فإنه ناج بالإجماع، لأن خلافة الرجلين لم يأت بها الكتاب ولا السنة، لكنها بزعمهم إجماع من الناس، وما لم يأمر الكتاب ولا السنة باتباعه فلا يضر جهله، لكنه لو عرف الأول ووالاه، ولم يعرف عليا وعاداه، فإنه هالك بالإجماع، وإليه الإشارة بقوله: فمن تبعني فإنه مني (1)، وإليه الإشارة بقوله: (أنت مني وأنا منك) (2)، (حزبك حزبي وشيعتك شيعتي) (3)، فمن كان من علي كان من محمد عليهما السلام، ومن كان من شيعة محمد كان من حزب الله الناجي.
ومما يعاضد هذا ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لرجل من همدان وقد تعلق بثوبه وقال:
حدثني حديثا جامعا أنتفع به، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: حدثني رسول الله صلى الله عليه وآله: إني أورد أنا وشيعتي الحوض، فيصدرون رواء، ويمرون مبيضة وجوههم، ويرد أعداؤنا ظماء مظمئين مسودة وجوههم، خذها إليك قصيرة من طويلة يا أخا همدان، أنت مع من أحببت، ولك ما كسبت، ألا وإن شيعتي يناديهم الملائكة يوم القيامة: من أنتم؟ فيقولون: نحن العليون، فيقال لهم: أنتم آمنون ادخلوا الجنة مع من كنتم توالون (4).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا أهل الموقف هذا علي بن أبي