مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ٢١٤
الأمر، وأن أهل السماوات والأرض متعبدون (خ ل مستعبدون) بخدمته وحبه وطاعته، وسبحان من استعبد أهل السماوات والأرض بولاية محمد وآل محمد عليهم السلام.
يشهد بذلك ما رواه محمد بن سنان عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن لنا مع كل ولي إذن سامعة، وعين ناظرة، ولسان ناطق (1).
يؤيد ذلك ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام أنه قال: ما من مؤمن يموت إلا ويحضره محمد وعلي فإذا رآهما استبشر (2).
وهذا عند أهل التحقيق من أصل العقائد، لأن المؤمن إذا مات رأى حق اليقين ووصل إلى الله وحق اليقين، لأنهم أمر الله الذي يحضره المؤمن عند احتضاره، فيحول بين الشيطان وبينه، فيموت على الفطرة، وإذا مات على الفطرة دخل الجنة.
اعترض جاهل فقال: إذا كانوا يحضرون المؤمن عند موته فإذا مات ألف مؤمن في لحظة واحدة فكيف السبيل؟ قلت له: فيجب الاعتقاد والاعتراف بحضورهم عند كل واحد واحد منهم لصدق وعدهم لشيعتهم وإعانته عند كربة الموت وتفريج همه، وطرد الشيطان عنه، والوصية لملك الموت فيه، فلا يلتفت إلى الوهم، لضعف العقل السخيف والفهم ويقول: وكيف يحضر الجسم الواحد في الزمن الواحد في أمكنة متعددة (3)؟ وإذا اعترضك الشيطان فرده بقوله سبحانه: (وكان الله على

(١) البحار: ٤٧ / ٩٥ ح ١٠٨ و: ٢٦ / ٢٦٩ ح ٦ والحديث طويل (٢) سوف نفصل ذلك عما قريب و (٣) الصحيح إمكان حضورهم عليهم السلام في آن واحد عند أكثر من ميت وفي أكثر من مكان:
جوز ابن العربي رؤية النبي محمد ص بجسمه وروحه وبمثاله الآن و (الحاوي للفتاوى: ٢ / ٤٥٠) وقال تاج الدين السبكي لمن سأله عن رؤية القطب في أكثر من مكان: الرجل الكبير (القطب) يملأ الكون. وأنشد بعضهم:
كالشمس في كبد السماء وضوؤها * يغشى البلاد مشارقا ومغاربا (الحاوي للفتاوي: ٢ / ٤٥٤). وصرح السيوطي بإمكان رؤية الأنبياء يقظة. (الرسائل العشرة: ١٨، وشرح الشمائل المحمدية: ٢ / 246). وقال في الذخائر المحمدية: إن رؤيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ممكن لعامة أهل الأرض في ليلة واحدة. (الذخائر المحمدية: 146).
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»