وجوده يقتضي صفات الألوهية، والإمام الولي قدرته وعلمه وحكمه وتصرفه في العالم من الله اختاره، فقدمه وارتضاه فحكمه، ما اختار وليا جاهلا قط، فوجب له بهذه الولاية العامة التقدم والعلم والتصرف، والحكم والعصمة عن الخطأ والظلم.
أما التقدم فلأن الولي حجة الله، والحجة يجب أن يكون قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق، وأما العلم فلأن الولي هو العلم المحيط بالعالم، فلا يخفى عليه شئ مما غاب وحضر إذا لو خفي عنه شئ لجهل وهو عالم، هذا خلف.
دليله: ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يا مفضل، إن العالم منا يعلم حتى تقلب جناح الطير في الهواء، ومن أنكر من ذلك شيئا فقد كفر بالله من فوق عرشه، وأوجب لأوليائه الجهل، وهم حلماء علماء أبرار أتقياء. (١) وذلك أن الولي لا يجوز أن يسأل عن شئ وليس عنده علمه، ولا يجوز أن يسأل عن شئ ولا يعلمه، والقرآن قد شهد له بذلك، وإليه الإشارة بقوله: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾ (٢)، والمراد به الولي.
ولفظ العموم هنا مخصص للأولياء، وليس في العطف تباعد وتراخ، وكلما يجري في العالم الذي أبرزه الله إلى الوجود من عالم الغيب والشهادة أخبر القرآن أن الله يراه ورسوله ووليه، ومن أصدق من الله حديثا. وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وآله: إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى (٣)، فقوله (تسمع ما أسمع) هذا جار في الأوصياء كافة، وقوله: (ترى ما أرى)، هذا مقام خص به علي عليه السلام. وإليه الإشارة بقوله: ﴿هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق﴾ (4)، والكتاب علي، ومنه قوله: (ولدينا كتاب ينطق بالحق (5)، والكتاب الناطق هو الولي، وإليه الإشارة بقوله: وما تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا (6)، وذلك لأنه ليس بين الله وبين رسوله سر، وكيف وهو بالمقام الأعلى