كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٧٨
المسألة الثامنة: في انقطاع عذاب أصحاب الكبائر قال: والكافر مخلد، وعذاب صاحب الكبيرة منقطع لاستحقاقه الثواب بإيمانه ولقبحه عند العقلاء.
أقول: أجمع المسلمون كافة على أن عذاب الكافر مؤبد لا ينقطع، واختلفوا في أصحاب الكبائر من المسلمين: فالوعيدية على أنه كذلك، وذهبت الإمامية وطائفة كثيرة من المعتزلة والأشاعرة إلى أن عذابه منقطع. وينبغي أن يعرف هنا الصغير والكبير (1) من الذنب:
أما الصغير فيقال على وجوه:

(١) إن الصغر والكبر من المفاهيم الإضافية، فلا بد أن يضافا إلى شئ، فوصف الذنب بالصغر إما بالإضافة إلى الطاعة أو معصية أخرى أو إلى ما عند فاعلها من الثواب، وهذه هي الوجوه التي ذكرها الشارح، وإليك التوضيح:
قد فسرت المعصية الصغيرة بوجوه ثلاثة:
١ - أن يضاف عصيان كل عمل بطاعة عمل آخر فيقال: النظر إلى المرأة الأجنبية أصغر بالنسبة إلى طاعة أمر الجهاد في سبيل الله، بمعنى أن عقابه ينقص في كل وقت عن ثواب الجهاد في سبيل الله، ويشترط أن تكون القضية مطلقة صادقة في جميع الأوقات. خرج بهذا القيد إضافة عصيان إلى الإنفاق في سبيل الله، فبما أن الإنفاق قبل فتح مكة وبعد فتحها لا يستويان لا يمكن أن يضاف عصيان إلى الإنفاق بوجه كلي صادق في جميع الأوقات، وذلك لأنه رب عصيان أصغر من ثواب الإنفاق قبل الفتح وليس كذلك إذا أضيف إلى العصيان بعده.
٢ - أن تضاف معصية إلى معصية أخرى كعقاب النظر بالنسبة إلى الكذب والغيبة.
٣ - أن يلاحظ الفاعل من حيث ما له من الثواب في صحيفة أعماله، فإن كان عصيان ما ارتكب أقل من الثواب الموجود فيها فيعد معصية صغيرة، نفترض أن إنسانا جاهد في سبيل الله طيلة أعوام ولكنه كذب مرة، فبما أن الثواب الذي اكتسبه من الجهاد أكثر من العقاب المترتب على الكذب فيوصف الثاني بالصغيرة.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»