كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٧٥
الله تعالى أنه يوافي الطاعة سليمة إلى حال الموت أو الآخرة استحق بها الثواب في الحال وكذا المعصية، وإن كان في علمه تعالى أنه يحبط الطاعة أو يتوب من المعصية قبل الموافاة (1) لم يستحق الثواب ولا العقاب بهما.
واستدل المصنف (2) رحمه الله على القول بالموافاة بقوله تعالى: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * وبقوله تعالى: * (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم) *.
وتقريره أن نقول: (3) إما أن يكون المراد بالإحباط هنا كون العمل باطلا

(1) يريد: قبل الوفاة.
(2) أقول لما كان ظاهر بعض الآيات دالة على الإحباط، أعني قوله سبحانه: (لئن أشركت ليحبطن عملك) وقوله تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم) حاول المصنف أن يفسر الإحباط فيهما بنحو لا يعد إحباطا بالمعنى المصطلح، وهو أن الثواب والعقاب كانا مشروطين بعدم الشرك والارتداد إلى حال الموت، فلو أشرك أو ارتد يكشف عن عدم الثواب من أول الأمر، فلم يكن هناك موضوع للإحباط، وبعبارة أخرى اعتمد على الأصل الذي أسسه في المسألة السابقة أعني كون الثواب مشروطا بشئ وهو الموافاة.
(3) ذكر للإحباط معاني ثلاثة اختار الثالث ورفض الأولين. الأول: أن يكون العمل باطلا من أصله، وهذا غير صحيح لأن المفروض أن الشرك والارتداد المتأخرين يؤثران في الجزاء أي الثواب فيجب أن يكون العمل موجبا للثواب من أصله وإلا تبطل الشرطية في الآيتين.
والثاني: أن يكون الثواب ساقطا بعد ثبوته، وهذا هو الإحباط المصطلح الذي سوف يذكره المصنف في المسألة الآتية، فبقي المعنى الثالث أعني ما ذكره بقوله: " أو أن الكفر أبطله " والمراد منه أن الثواب كان مشروطا بشرط متأخر وهو عدم الشرك والارتداد فإذا لم يتحقق الشرط لم يتحقق المشروط.
وبما ذكرناه علم أن التعبير عن الوجه الثالث بقوله: " أو أن الكفر أبطله " ليس بجيد، ولأجل ذلك جاءت النسخ في المقام مشوشة.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»