كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٧٧
من لم يسئ وإن تساويا يكون مساويا لمن لم يصدر عنه أحدهما، وليس كذلك عند العقلاء، ولقوله تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (1) والإيفاء بوعده ووعيده واجب.
قال: ولعدم الأولوية إذا كان الآخر ضعفا، وحصول المتناقضين مع التساوي.
أقول: هذا دليل على إبطال قول أبي هاشم بالموازنة.
وتقريره: أنا إذا فرضنا أنه استحق المكلف خمسة أجزاء من الثواب وعشرة أجزاء من العقاب فليس إسقاط إحدى الخمستين من العقاب بالخمسة من الثواب أولى من الأخرى، فإما أن يسقطا معا وهو خلاف مذهبه أولا يسقط شئ منهما وهو المطلوب، ولو فرضنا أنه فعل خمسة أجزاء (2) من الثواب وخمسة أجزاء من العقاب فإن تقدم إسقاط أحدهما للآخر لم يسقط الباقي بالمعدوم لاستحالة صيرورة المغلوب والمعدوم غالبا ومؤثرا، وإن تقارنا لزم وجودهما معا لأن وجود كل منهما نفي وجود الآخر فيلزم وجودهما حال عدمهما وذلك جمع بين المتناقضين.

(١) الزلزلة: ٧ - 8.
(2) هذا دليل ثان على إبطال نظرية أبي هاشم، وحاصله: نفترض أن إنسانا فعل ما يستتبع ثوابا له خمسة أجزاء وفعل ما يستتبع عقابا له خمسة أجزاء فإما أن يتقدم إسقاط أحدهما أو تقارنا فإن تقدم فهو يؤثر في الساقط فيسقطه فلا تصل النوبة إلى الساقط ليسقط المسقط لأنه معدوم والمعدوم لا يؤثر أبدا، وإن تقارنا لزم الجمع بين المتناقضين، لأن فرض التقارن فرض لوجودهما معا في زمان واحد، وفرض وجود التضاد بينهما فرض عدم وجودهما معا في زمان واحد وذلك جمع بين النقيضين.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»