كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٨٩
بعض القبائح دون بعض لزم من اشتراك الواجبات في الوجوب عدم صحة الإتيان بواجب دون آخر.
وأما بطلان التالي فبالإجماع إذ لا خلاف في صحة صلاة من أخل بالصوم.
وأجاب أبو هاشم بالفرق بين ترك القبيح لقبحه وفعل الواجب لوجوبه بالتعميم في الأول دون الثاني (1)، فإن من قال: لا آكل الرمانة لحموضتها، فإنه لا يقدم على أكل كل حامض لاتحاد الجهة في المنع، ولو أكل الرمانة لحموضتها لم يلزم أن يتناول كل رمانة حامضة، فافترقا، وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله:
" ولا يتم القياس على الواجب " أي لا يتم قياس ترك القبيح لقبحه على فعل الواجب لوجوبه.
قال: ولو اعتقد فيه الحسن صحت.
أقول: قد تصح التوبة من قبيح دون قبيح إذا اعتقد التائب في بعض القبائح أنها حسنة وتاب عما يعتقده قبيحا، فإنه يقبل

(١) حاصله: أن الطبيعة توجد بفرد ما ولا تنعدم إلا بترك جميع أفرادها، فإذا نهى عن الكذب والغيبة والربا، فكأنه نهى عن فعل القبيح، وعندئذ لا ينعدم إلا بترك جميع أفرادها، ولأجل ذلك قلنا لا يقبل التبعيض، وهذا بخلاف الواجبات، فإذا قال: صل وصم وزك، فكأنه قال: افعل الحسن، وهو يتحقق بالإتيان بفرد ما، وبذلك ظهر معنى قوله: " من قال: لا آكل الرمانة لحموضتها " فإنه يجب عليه ترك كل رمانة حامضة وينتقض بأكل رمانة ولا يتوقف النقض على أكل كل رمانة، فالمثال راجع إلى المحرمات، وأما الواجبات فكما إذا قال: " علي أن آكل الرمانة الحامضة " فإنه لا يلزم أن يتناول كل رمانة حامضة.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»