كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٧٣
والجواب عن الأول: أن شهوة كل مكلف مقصورة على ما حصل له ولا يغتم بفقد الأزيد لعدم اشتهائه له.
وعن الثاني: أنه يبلغ سرورهم بالشكر على النعمة إلى حد تنتفي المشقة معه.
وأما الإخلال بالقبائح فإنه لا مشقة عليهم فيها لأنه تعالى يغنيهم بالثواب ومنافعه عن فعل القبيح فلا تحصل لهم مشقة، أما أهل النار (1) فإنهم يلجأون إلى فعل ما يجب عليهم وترك القبائح فلا تصدر عنهم، وليس ذلك تكليفا لأنه بالغ حد الإلجاء، ويحصل من ذلك نوع من العقاب أيضا.
قال: ويجوز توقف الثواب على شرط وإلا لأثيب العارف بالله تعالى خاصة.
أقول: ذهب جماعة إلى أن الثواب يجوز أن يكون موقوفا على شرط (2)، ومنعه آخرون، والأول هو الحق:

(1) كان عليه أن يذكر فيه على غرار ما ذكر في أهل الجنة وهو أنهم يتفاوتون في دركاتهم في النار، فإذا نظر إلى ما هو أشد منه عذابا سر لأنه أقل عذابا منه فلم يكن العذاب خالصا.
وأما ترك القبائح من أهل النار فليس فيه إشكال بالنسبة إليهم إذ في تركها نوع من العقاب وهو مؤكد لخلوص العقاب بخلافه بالنسبة إلى أهل الجنة.
(2) هذا البحث مقدمة لحل مشكلة الإحباط الذي هو باطل عند المصنف والشارح بحكم العقل، وسيوافيك أن المصنف يعتمد في تفسير الآيات الظاهرة في الإحباط على ما ذكره هنا من كون الثواب مشروطا.
وحاصل هذا الوجه أن الثواب على وجه الإطلاق مشروط بشرط وإلا لأثيب العارف بالله وحده وإن لم يؤمن برسالة النبي الأكرم ويوم المعاد وهو واضح البطلان، وهذا دليل على أن الثواب يمكن أن يكون مشروطا، وستوافيك كيفية تفسير الإحباط بهذا الطريق.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»