كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٨١
المسألة التاسعة: في جواز العفو (1) قال: والعفو واقع لأنه حقه تعالى فجاز إسقاطه، ولا ضرر عليه في تركه مع ضرر النازل به فحسن إسقاطه (2) ولأنه إحسان.
أقول: ذهب جماعة من معتزلة بغداد إلى أن العفو جائز عقلا (3) غير جائز سمعا (4)، وذهب البصريون إلى جوازه سمعا، وهو الحق.
واستدل عليه المصنف رحمه الله بوجوه:
الأول: أن العقاب حق لله تعالى فجاز تركه، والمقدمتان ظاهرتان.
الثاني: أن العقاب ضرر بالمكلف ولا ضرر في تركه على مستحقه وكل ما كان كذلك كان تركه حسنا، أما أنه ضرر بالمكلف فضروري، وأما عدم الضرر في تركه فقطعي لأنه تعالى غني بذاته عن كل شئ، وأما أن ترك مثل

(1) والعفو هو محو الذنب، والمغفرة هو ستره، وربما يستعملان في معنى واحد.
(2) فيه قياس مطوي، وهو: إسقاط العقاب حسن، وكل حسن واقع منه، فإسقاط العقاب واقع منه.
وكان عليه أن يقيده بما إذا لم يمنعه مانع كالكفر وما يليه.
(3) هذه المسألة من شقوق القول بخلود مرتكب الكبيرة في النار، ولأجله قالوا بعدم جوازه عقلا وسمعا، أو جوازه عقلا لا سمعا، والحق جوازه مطلقا.
(4) ناظر إلى عقيدة الوعيدية حيث لم تجوز العفو مستدلا بقوله: * (ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد) * (ق: 29) ولكن الآية ناظرة إلى الكفار الذين جحدوا رسله سبحانه بشهادة ما قبلها، قال سبحانه: * (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد * قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ظلال بعيد * قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدي...) * (ق: 24 - 29).
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»