فنقول إنما يحصل الجزم بها بين المقدمتين مع العلم بعصمة الإمام عليه السلام فقد بطل قول من يقول باجتهاد الإمام في الأحكام وجواز خطأه في الاجتهاد وبظن صدقه.
السادس: قوله تعالى: (ولكن الله حبب إليكم الأيمن وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون) وجه الاستدلال بهذه الآية من وجوه الأول إن هذه الآية فيها مراتب خمس مع كمالها تحصل صفة الرشد التي لا يتصف بها الأمر كملت فيه هذه المرتبة الأولى الإيمان المرتبة الثانية أن يكون مزينا في قلوبهم بمعنى أن يكون لهم علم اليقين وعين اليقين وإليهما أشار إبراهيم عليه السلام في سؤاله: (رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) ولا يرد أن المعقول أقوى من المحسوس فكيف يؤكد المعقول بالمحسوس لأن علمه من قبيل فطري القياس ثم أراد إدراكه حيا فالأول في الإيمان حصل له العلم، والثاني الادراك الحسي فيكون قد أدركه عقلا وحسا ثم سلمنا لكنه سأل عن الكيفية المحسوسة ثم أراد الله تعالى أن ينفي عن إبراهيم اعتقاد المبطلين إنه كان شاكا في ذلك والله علم أنه لا يشك لكن أراد بالسؤال نفي وهم المبطلين الشاكين في كمال الأنبياء فأظهر فائدة سؤال إبراهيم عليه السلام بقوله تعالى: أولم تؤمن وجواب إبراهيم فهنالك يعني ضلالة كل من شك في شئ، المرتبة الثالثة نفي الكفر والتبرئ منه واعتقاد بطلانه باعتقاد علم اليقين وعين اليقين كالإيمان، المرتبة الرابعة نفي الفسوق، المرتبة الخامسة نفي العصيان وهو عام لأن نفي الماهية لا يتم إلا بنفي جميع جزئياتها فإذا كان الراشد من كملت هذه المراتب فيه بإرسال النبي ونصب الإمام الذي هو نائبه وقائم مقامه لإرشاد الخلائق وحملهم على هذه المراتب كلها فلا بد وأن يكون النبي والإمام راشدين حتى تتم دعوتهما ولا يحتاجان إلى غيرهما ولا ينقطع حاجة من ليس فيه هذه الصفات إلا بمن تكمل هذه الصفات فيه وإلا لزم له تسلسل الحاجة وعلى تقدير التسلسل لا ينقطع الحاجة وهذا معنى العصمة بالضرورة فيكون الإمام معصوما.