والنفوس القدسية النطقية فإن رجوعها إلى عوالم الروحانيات مع بقاء فعلياتها التجردية، وعندنا كل العوالم الوجودية من المراتب الغيبية والشهودية مرجعها إلى الإطلاق الوجودي والعدم المحض عند طلوع شمس الحقيقة وبروز سلطنة الوحدانية والمالكية المطلقة، فإن مقام المالكية مقام قبض الوجود، كما أن مقام الرحمانية والرحيمية مقام بسطه وبسط كماله.
وهذا الذي ذكره ذلك الحكيم المتأله غير ما ذكرنا، فإن كلامه في مقام وكلامنا في مقام، وإلى ما ذكرنا أشار العارف الحكيم المولوي في نظمه المثنوي بقوله بعد عدة أشعار في مراتب السير إلى النشآت المتتالية والعوالم الوجودية.
پس عدم گردم عدم چون ارغون * گويدم كأ نا إليه راجعون (1) وهذا من الأسرار فاحتفظ به ودعه يبقى تحت الأستار، ولا تذعه على أهل هذه الدار، فإنهم من الأغيار، وببالي أني رأيت في سالف الزمان في " الكافي " الشريف مبلغ أسرار أهل الذكر والقرآن أن بعض نفوس المستضعفين من الإنسان يبطل ويهلك عند عروض الموت على الأبدان (2) وصرح ذلك الحكيم المتأله المتقدم ذكره في بعض كتبه - على ما ببالي - بذلك المقال (3) كما أنه صرح بأن مرجع الحركة والزمان وأشباههما إلى الهلاك والاضمحلال (4) وإن كان ذلك العارف الكامل الشارح عارضه ورد عليه ونسبه إلى الغفلة والمناقضة في الكلام، وعندي وجه جمع بين الرأيين بحيث يرتفع الجدال من البين، وليس في هذا المختصر مقام البسط والتفصيل