التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ١٠٦
الحكمة والعرفان وأرباب الطريقة والبرهان من أن القوى المتشتتة النباتية والحيوانية والإنسانية - مع تشتتها وكثرتها وتفرقها بتفرق محالها - تجمعها حقيقة واحدة وكلمة فاردة (1) هذه الكثرات سدنتها، وهذه المتفرقات خدمها وحشمها، كما صرح بذلك في حديث كميل بن زياد الآتي حيث قال عليه السلام في كل من النفوس الأربعة أن " له خمس قوى وخاصيتان " وإن كانت النفوس الأربعة لها أحكام مختلفة، ولسدنتها وحشمها وجودات متفاوتة في الشدة والضعف، وفي بعضها كانت القوى والسدنة متحدة الوجود مع النفس حد ا ومرتبة وليست متكثرة متشتتة، وليس هذا مقام تفصيلها وبسطها.
وأشار عليه السلام بقوله: " أصلها الطباع الأربع " (1) إلى ما حقق عند المحققين من الحكماء العظام أن النفس جسمانية الحدوث وطلوعها يكون من المادة الجسمانية وإن كانت بعضها روحانية البقاء (2).
وأما قوله عليه السلام في النفس النباتية: " أصلها الطباع الأربع " وفي النفس الحيوانية: " أصلها الأفلاك " وفي النفس الكلية: " أصلها العقل " وعدم التعرض لأصل النفس النطقية فللإشارة إلى أن المادة التي تفيض عليها النفس النباتية مادة كدرة غير صافية، بخلاف النفس الحيوانية فإن مادتها من جنس الأفلاك لها صفاء وخلو عن كدورات تلك المادة الموجودة عندنا، وأن النفس الكلية الإلهية وإن كانت طليعة وجودها من مادة صافية في كمال النقاوة إلا أن هذه النفس لكمال روحانيتها وعلو شأنها قريبة الأفق بعالم المجردات وقطان عالم الجبروت، فهي ملحقة بالآباء العلوية والجهات الفاعلية، لا الأمهات السفلية والحيثيات القابلية، حتى ثبت عند أصحاب

1 - الأسفار 8: 221.
2 - الأسفار 8: 347، الشواهد الربوبية: 221.
(١٠٦)
مفاتيح البحث: كميل بن زياد (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست