الكشف النوري أن الأنوار الإسفهبدية (1) ماهياتها إنياتها، وأهل يثرب الإنسانية لا مقام معلوم له ولا حد محدود عنده (2).
وعدم التعرض لأصل النفس الناطقة القدسية فلعله لإلحاقها بالنفس الكلية، ولهذا قال في كل واحد منهما: إنها قوة لاهوتية، ويمكن أن يكون في قوله عليه السلام:
" مقرها العلوم الحقيقية " بالبيان الذي ذكره ذلك العارف العظيم، مع قوله عليه السلام:
" مواد التأييدات العقلية " إشارة خفية إلى أن أصلها العقل كما لا يخفى على ذوي السابقة الحسنى.
وفي قوله: " أصلها الطباع الأربع " إشارة خفية إلى رد من زعم أن النفس هي المزاج (3) كما أن في عدة مواضع منه إشارة ظاهرة إلى ذلك كما لا يخفى.
وأشار عليه السلام بقوله: " عادت إلى ما بدأت منه " إلى الكينونة السابقة التي لها في النشآت السابقة والعوالم العقلية كما هو رأي أفلاطون الإلهي (4) وأشرنا سابقا إلى الخلاف الذي بينه وبين مفيد الصناعة الحكمية، وفيه أيضا إشارة إلى أن ما بدأت الأشياء منه عين ما انتهت إليه.
ويحتمل أن يكون قوله: " عود ممازجة لا عود مجاورة " إشارة إلى ما هو المحقق عند بعض أساطين الحكمة (5) أن القوى المنغمرة في المادة ما لم تتجرد تجرد الخيال معادها يكون بالاتصال إلى العالم العقلي اتصال الماء الذي في الكيزان على شاطئ البحر إذا انكسرت الكيزان واتصل الماء بالبحر، بخلاف القوى المجردة تجردا خياليا