هذه الشمس المضيئة وشروقها من الكوى العديدة مع وحدتها العددية.
وثانيهما: أن العلم لا يكون إلا بالاتحاد بناء على ما قلنا من كون النفس كل الأشياء على نحو يعرفه العرفاء.
فعلى هذين الأصلين يصح كون العلوم الحقيقية محلا للنفس الكلية ومقرا لها بالحقيقة، لأنها لما طلبت علم شئ مما في نفسها توجهت إلى ذاتها، وهي من حيث كونها طالبة غيرها من حيث هي مطلوبة، فكأنها طارت من القفص الجسماني فوقعت لا محالة على وكرها الأصلي الذي هو ذاتها العقلية (1) فصارت المعقولات من هذه الحيثية محلا لها ومقرا لوجودها.
وأما كون مادة تلك النفس الشريفة هي التأييدات العقلية، فلأن النفس صادرة عن العقل، بل النفس عقل ظهر بصورة الشوق والمشية كما هو الحق، فعلى هذا لا ريب أن العقل هو الباطن والنفس هي الظاهرة: أما الأول فلأن العلة باطن المعلول، وأما على الثاني فظاهر لا يخفى، فيكون العقل بمنزلة المادة والنفس بمنزلة الصورة، وإنما عبر عن المادة بصيغة الجمع لأن المدد العقلي يصل إلى النفس آنا فآنا، والإشراقات العقلية تتنزل، منه إليها دائما، وإلا لم تبق هي قطعا.
قوله: " عود مجاورة " وجه كون العود في الأوليين بطريق الممازجة وفي الثالثة بنحو المجاورة ولم يتعرض في الرابعة للعود أصلا هو أن السابقتين إنما يتكونان من الأجسام اللطيفة على ما يظهر من الخبر، وهو عند أرباب العقول من المقرر، ولا ريب أن الجواهر يعتريها الفساد والبطلان بالكلية،