التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ١٢٢
ذلك قريب من البديهي لمن تجافى عن تعسفه ورجع إلى نفسه - فقد ظهر للمستبصر أن تلك الأربع إنما هي قشور، وألباب بعضها فوق بعض على نظام ونسق متسق كما يشير إليه قوله سبحانه: * (لتركبن طبقا عن طبق) * (1) وإنما التفاوت في الأنواع والأشخاص بظهور بعضها في نوع أو شخص وكمون بعضها فيه إلى حيث ينتهي في الشرف إلى شخص يظهر فيه الكل، وفي الخسية إلى آخر يبطل فيه القل والجل، كما قال سبحانه: * (تزهق أنفسهم) * (2) وقال تعالى: * (فأنساهم أنفسهم) * (3) إلى غير ذلك من الآيات.
ومن أمارات التطابق المذكور كون الكل ذوات خمس قوى وخاصيتين، فإن ذلك مشعر بأن كل لاحقة هي تنزل السابقة، لكونها لما علمت إذا خطرت بالبال في عالمها ما يوجب سقوط جناحها الذي تطير به في فسحة الجنان وقعت في شبكة تلك اللاحقة، وهكذا إلى أن هبطت إلى الأرض السافلة، وأن هذه اللاحقة إذا ارتاضت بما يوجب ارتياشها، وتخلصت من الذنوب التي أحاطت بها، من التعبد بالأحكام الإلهية والتقلد بالنواميس الربانية، طارت إلى وكرها الأصلي ورجعت إلى عالمها العلوي.
فلنشرع في تطبيق القوى في المراتب الأربع على الولاء.
فنقول: بالحري أن نذكر ذلك بين كل متجاورين ليظهر من ذلك انطباق الكل في البين، فاعلم أن الجذب يضاهي السمع، لأن جذب الصماخ للصوت يصير سبب السماع، والإمساك يضاهي الإبصار بناء على ما هو الحق عندنا من أن الإبصار إنما يكون في خارج باستيلاء نور النفوس على

١ - الانشقاق: ١٩.
٢ - التوبة: ٥٥.
٣ - الحشر: ١٩.
(١٢٢)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 127 128 ... » »»
الفهرست