الثابتة فليس تكثرا حقيقيا وجوديا، بل التكثر إما باعتبار معان معقولة في غيب الوجود التي هي مفاتيح الغيب ويتعين به شؤوناته وتجلياته، فهي في الحقيقة موجودة في العقل غير موجودة في العين، أو يرجع إلى العلم الذاتي، لأن علمه تعالى ذاته بذاته أوجب العلم بكمالات ذاته في مرتبة أحديته، ثم المحبة الإلهية اقتضت ظهور الذات لكل منها على انفرادها متعينا في حضرته العلمية ثم العينية، فحصل التكثر فيها، كذا قال بعض الأعلام نقلته ملخصا (1).
أو التكثر يرجع إلى التكثر بحسب مراتب السلوك، فإن السالك في أول سيره يتأحد عنده المتكثرات، ويلبس لباس الإطلاق على التعينات، ويستهلك المتفرقات في حقيقة جمعية، وينفي المتخالفات في ذات أحدية، فعلا كان أو أثرا، صفة كان أو ذاتا، فرجع الكل إلى أصل واحد والجل إلى جذر فارد.
وفي أواخر هذا السلوك يلاقي الأعيان الثابتة وصور الأسماء الإلهية فيفنيها ويستهلكها في الذات ذي الصورة، إلى أن يرحل راحلته إلى الحضرة الأسماء الإلهية، وينيخ راويته إلى باب أبواب الربوبية، فيرى الكثرة الأسمائية أول كثرة وقعت في دار الوجود، ومنها نشأت الكثرات في الغيب والشهود، فيستهلكها في الذات الأحد الفرد الصمد، فيتجلى عليه حضرة الواحد القهار لا شريك له في الذات والصفات والآثار والأفعال، فيستهلك عنده بقوة السلوك هذه الأسماء في الهوية الغيبية، فلا يبقى من الكثرة عين ولا أثر، ولا من السالك اسم ولا خبر، فيترنم لسان حاله وقاله بلسان الحق المتعال، ويقول: يا هو يا من هو يا من لا هو إلا هو.
كل ذلك بشرط رفض الأنانية وعدم بقاء جهات النفسانية، وإلا فمع بقائها ولو